نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
كلية التجارة ـ جامعة المنصورة
المستخلص
الكلمات الرئيسية
الموضوعات الرئيسية
المقدمة وطبيعة المشكلة
تتسم بيئة الأعمال الحالية بالديناميكية والقابلية للتغير المستمر وفقاً لتغير الظروف المحيطة بها، وحتى تستطيع الشركات العاملة في هذه البيئة أن تستمر وتحقق أهدافها، كان لزاماً عليها العمل باستمرار على تسوية وتحديث الإمكانيات المادية والتكنولوجية والإدارية والمالية، وكافة نواحي النشاط الخاصة بها، وبسبب سرعة تغير هذه الظروف فإن الأمر قد يتطلب سرعة في اتخاذ القرارات خلال المدى القصير، يترتب عليها تجاوز المدى الملائم زيادة أو نقصاناً، كما قد يتطلب الأمر اتخاذ بعض القرارات الحتمية لمواكبة تلك الظروف والتي يمكن أن ينتج عنها تغييرات جوهرية في التكاليف.
وجوهر مشكلة الوكالة يكمن في اهتمام المديرين المفرط بسلوك المصلحة الذاتية لهم على حساب مصلحة المساهمين (Bendickson et al., 2016) حيث تلجأ الإدارة عند اتخاذها للقرارات الإدارية إلى تعظيم منافعها على حساب منافع المساهمين وأصحاب المصالح الآخرين، كما تحاول دائما إضعاف آليات الرقابة والحوكمة على أدائها عن طريق اتاحة معلومات محدودة أو مشوهة حتى لا يتمكن المساهمون من تقييم أَداء وتصرفات الإدارة بشكل صحيح، مما يعود بالنفع على المديرين من خلال المكافآت والحوافر والمكانة الإدارية، وبالإضافة إلى ذلك قد تحاول الإدارة تخفيض تحملها للمخاطر، أو اللجوء إلى مشاريع ذات مخاطر عالية قد تؤثر بالسلب في المدى الطويل على قيمة الشركة وثروة المساهمين.
ويُعد التحصين الإداري أحد المسببات الأساسية لزيادة مشاكل الوكالة، فغالبا ما يترتب عليه زيادة سلطة المديرين وقوتهم ونفوذهم مقارنةً بأصحاب المصالح الآخرين بما فيهم المساهمون (Rodrigues & Antonio, 2011)، وهو ما ينتج عنه سيطرة الإدارة وتحكمها في اتخاذ القرارات بشكل يترتب عليه استغلال موارد الشركة في تحقيق منافعهم الخاصة على حساب الملاك وأصحاب المصالح الأخرين (عبد المنعم، 2021)، كما أن المديرين المتحصنين يحاولون دائما البحث عن طرق لإضعاف الآليات الرقابية لتجنب المساءلة من قِبل الأطراف الداخلية أو الخارجية (Noviyanti & Agustina, 2021).
ويقصد بالسلوك غير المتماثل للتكلفة، أن استجابة التكلفة للتغير في حجم النشاط عند زيادته تختلف عن استجابتها عند حدوث انخفاض مماثل في حجم النشاط؛ حيث تزداد التكلفة مع زيادة حجم النشاط بمعدل أكبر (أو أقل) من معدل انخفاضها في حالة حدوث انخفاض مماثل في حجم النشاط (Anderson et al., 2003; Weiss, 2010; Xu & Sim, 2017). وتبوب التكاليف ذات السلوك غير المتماثل إلى: تكاليف لزجة أو ملتصقة "Sticky Cost"، وأخرى غير لزجة أو مقاومة للالتصاق "Anti-Sticky Cost". ويُقال إن التكاليف لزجة أو ملتصقة، عندما تزيد التكاليف بدرجة أكبر مع ارتفاع حجم النشاط من مقدار تناقصها مع انخفاض حجم النشاط بمقدار مكافئ (Anderson et al., 2003)، وعلى العكس من ذلك، يُقال إن التكاليف غير لزجة أو مقاومة للالتصاق، إذا زادت التكاليف بشكل أقل مع ارتفاع حجم النشاط استجابة مقارنة بتناقصها عندما ينخفض حجم النشاط بمقدار مكافئ (Weiss, 2010).
ويعتبر السلوك غير المتماثل للتكلفة ناتجاً عن القرارات الإدارية المرتبطة بتسوية الموارد استجابةً للتغيرات في مستويات الطلب، وقد يلجأ المديرون عند اتخاذ هذا النوع من القرارات إلى تنمية موارد الشركة بما يتجاوز حجمها الأمثل أو الحفاظ على الموارد غير المستغلة بغرض زيادة المنفعة الشخصية من الوضع والسلطة والمكافآت والحوافز (Anderson et al., 2003; Chen et al., 2012).
وبالطبع فأن إمكانية تسوية الموارد المرتبطة بالتكاليف الثابتة الملزمة مختلفة عن إمكانية تسوية الموارد المرتبطة بالتكاليف الثابتة الاختيارية، كما قد تكون إمكانية تسوية الموارد المرتبطة بالأصول مختلفة عن إمكانية تسوية الموارد المرتبطة بالعمالة، لذلك يرى الباحث أن تأثير التحصين الإداري على القرارات المتعلقة بتسوية الموارد وبالتالي السلوك غير المتماثل للتكلفة، سيختلف باختلاف بنود التكاليف، بمعنى أن التكاليف البيعية والعمومية والإدارية والتي تعتمد أكثر على العمالة وتتضمن تكاليف اختيارية أكثر ستتأثر بشكل مختلف عن تكاليف البضاعة (الإنتاج) المباعة لاعتمادها على كثافة الأصول بشكل أكبر واحتوائها على تكاليف ملزمة أكثر.
وعلى ذلك فإن الدراسة الحالية تقوم على دراسة العلاقة بين التحصين الإداري كأحد المسببات الأساسية لزيادة مشاكل الوكالة، والسلوك غير المتماثل للتكلفة كأحد نتائج القرارات الإدارية المتأثرة بمشاكل الوكالة، بمعنى أن متغيرات الدراسة الحالية أحدهما يؤدي إلى زيادة المشاكل الناتجة عن الوكالة والأخر يعد نتيجة لمشاكل الوكالة، وبالتالي فهناك ضرورة لدراسة أثر التحصين الإداري على السلوك غير المتماثل للتكلفة، وهل سيختلف هذا التأثير باختلاف بنود التكاليف، فيما بين التكاليف البيعية والعمومية والإدارية وتكلفة البضاعة المباعة.
ومن هذا المنطلق، يمكن صياغة التساؤل التالي: ما هو تأثير التحصين الإداري على السلوك غير المتماثل للتكلفة في بيئة الأعمال المصرية؟ وما هي طبيعة هذا التأثير؟ وهل سيختلف هذا التأثير باختلاف بنود التكاليف، فيما بين التكاليف البيعية والعمومية والإدارية وتكلفة البضاعة المباعة؟
وبناءً على ما سبق يمكن صياغة مشكلة الدراسة في التساؤلات التالية:
1ـ ما المقصود بعلاقة الوكالة، وما هي المشاكل والتكاليف المترتبة عليها؟
2ـ ما هو مفهوم التحصين الإداري كأحد المسببات الأساسية لزيادة مشاكل الوكالة، وما هي أهم آلياته؟
3ـ ماهية السلوك غير المتماثل للتكلفة، وما هي مسببات حدوثه، وما هي تبويبات التكاليف ذات السلوك غير المتماثل؟
4ـ ما هو أثر التحصين الإداري على السلوك غير المتماثل للتكلفة في بيئة الأعمال المصرية؟ وهل سيختلف هذا الأثر باختلاف بنود التكاليف؟
أهداف الدراسة:
في ضوء طبيعة المشكلة، يتمثل الهدف الرئيسي للدراسة في:
اختبار تأثير التحصين الإداري على السلوك غير المتماثل للتكلفة، ومدى اختلاف هذا التأثير باختلاف بنود التكاليف في بيئة الأعمال المصرية.
ويمكن تقسيم الهدف الرئيسي السابق إلى الأهداف الفرعية التالية:
1- التعرف على نظرية الوكالة وأهم المشاكل والتكاليف الناتجة عن علاقات الوكالة.
2- معرفة المقصود بالتحصين الإداري وأهم آلياته.
3- معرفة الفرق بين المفهوم التقليدي لسلوك التكلفة والسلوك غير المتماثل للتكلفة.
4- معرفة مسببات حدوث السلوك غير المتماثل للتكلفة.
5- اختبار أثر آليات التحصين الإداري على السلوك غير المتماثل للتكلفة، ومدى اختلاف هذا التأثير باختلاف بنود التكاليف.
أهمية الدراسة:
تنبع الأهمية العلمية للدراسة الحالية من خلال ما يلي:
1- تُعد هذه الدراسة امتداداً للدراسات السابقة التي اهتمت بدراسة السلوك غير المتماثل للتكلفة في إطار نظرية الوكالة، وتساهم في توفير إطار نظري حول متغيرات الدراسة.
2- هناك حاجة إلى فهم أعمق لأبعاد التحصين الإداري ومدى تأثيره على السلوك غير المتماثل للتكلفة وذلك على المستويين النظري والتطبيقي.
3- هناك حاجة لاختبار طبيعة العلاقة بين التحصين الإداري كأحد المسببات الأساسية لزيادة مشاكل الوكالة، والسلوك غير المتماثل للتكلفة كأحد نتائج القرارات الإدارية المتأثرة بمشاكل الوكالة في بيئة الأعمال المصرية.
4- نُدرة الدراسات السابقة التي تناولت العلاقة بين التحصين الإداري والسلوك غير المتماثل للتكلفة بشكلٍ عام وفي البيئة الأعمال المصرية بصفةٍ خاصة.
بينما تتمثل الأهمية العملية للدراسة الحالية فيما يلي:
1- تهتم الدراسة بتوضيح أهمية إدراك مشكلة تضارب المصالح بين المساهمين والإدارة، ومدى تأثر قرارات تسوية الموارد بهذه المشكلة؟
2- من المتوقع أن تسهم نتائج الدراسة الحالية في ترشيد القرارات المتعلقة بسوية الموارد لدى الشركات المصرية، من خلال إدراك أهمية تأثير التحصين الإداري على مثل هذه القرارات.
3- من المتوقع أن تكون نتائج هذه الدراسة على قدرٍ من الأهمية بالنسبة لكلٍ من: إدارة الشركة والملاك والمستثمرون؛ وذلك من خلال الوقوف على طبيعة العلاقة بين التحصين الإداري وقرارات تسوية الموارد والسلوك غير المتماثل للتكلفة.
4- قد تؤدي معرفة العلاقة بين التحصين الإداري والسلوك غير المتماثل للتكلفة إلى حث الشركات المصرية على الاهتمام أكثر بآليات حوكمة الشركات ومحاولة تطبيقها بشكل أكثر فعالية.
حدود البحث:
يقتصر البحث على دراسة واختبار طبيعة العلاقة بين آليات التحصين الإداري والسلوك غير المتماثل للتكلفة، وذلك بالتطبيق على عينة من الشركات الصناعية المقيدة بالبورصة المصرية للفترة الزمنية من عام 2014 وحتى عام 2017. وبذلك يخرج عن نطاق البحث دراسة واختبار تلك العلاقة في الشركات التجارية والخدمية والشركات التي تنتمي إلى القطاعات المالية كالبنوك وشركات التأمين وشركات الوساطة المالية، وأيضًا الشركات غير المقيدة بالبورصة المصرية.
خطة البحث:
انطلاقًا من أهمية البحث، وتحقيقًا لأهدافه، والإجابة على تساؤلاته البحثية، فقد تم تقسيم البحث على النحو التالي:
1- الخلفية النظرية لمتغيرات الدراسة.
2- الدراسات السابقة واشتقاق الفروض.
3- الدراسة التطبيقية.
4- النتائج والتوصيات والبحوث المستقبلية.
5- المراجع.
1ـ الخلفية النظرية لمتغيرات الدراسة:
تتمثل متغيرات الدراسة في متغيرين أساسيين وهما السلوك غير المتماثل للتكلفة والتحصين الإداري، وسوف يتم دراسة هذين المتغيرين في ضوء نظرية الوكالة، لذلك يتم توضيح أبعاد نظرية الوكالة أولاً.
1/1 أبعاد نظرية الوكالة:
لنظرية الوكالة “Agency Theory” أصول فكرية جذورها في الاقتصاد، وقد استخدم الباحثون والعلماء نظرية الوكالة في العديد من التخصصات بما في ذلك السلوك التنظيمي والإدارة والتمويل والقانون والتسويق والرعاية الصحية والمحاسبة والشركات العائلية وحوكمة الشركات وغيرها (Bendickson et al., 2016). كما ترتكز نظرية الوكالة على مجموعة من الفروض أهمها: أن الأصيل (الموكل) والوكيل أشخاص يتميزون بالتصرف الرشيد، وأن الوكيل يعمل من أجل تعظيم منفعته الخاصة، حتى لو تعارض ذلك مع مصلحة الأصيل، وأن فرص الوكيل في الوصول إلى المعلومات والتأثير على القرارات أكبر من الأصيل (الصغير، 2019).
1/1/1علاقة الوكالة ومشاكلها:
علاقة الوكالة هي كل علاقة تنشأ بين طرفين يوكل بموجبها الطرف الأول (الأصيل) طرف ثاني (الوكيل)، بتنفيذ مهام معينة لحسابه على أن يمتلك الطرف الثاني (الوكيل) سلطة اتخاذ القرار في حدود ما يسمح به الطرف الأول، وعلى أن يتحمل الطرف الأول نتائج قرارات الطرف الثاني. وقد عرف Jensen & Meckling (1976) علاقة الوكالة بأنها عقد يقوم بموجبه شخص أو أكثر (الأصيل أو الأصلاء) بإشراك شخص آخر (الوكيل) لأداء بعض الخدمات نيابة عنهم، والتي تتضمن تفويض بعض سلطة اتخاذ القرار للوكيل، وإذا كان كلا طرفي العلاقة يسعى لتعظيم منافعه، فهناك سبب وجيه للاعتقاد بأن الوكيل لن يعمل دائمًا لتحقيق أفضل مصالح الأصيل (الملاك). ويمكن للأصيل أن يحد من الاختلافات عن مصلحته من خلال توفير القدر الملائم من الحوافز والمكافآت المناسبة للوكيل وتحمل تكاليف الآليات الرقابية المصممة للحد من الأنشطة الانتهازية للوكيل.
ويجب أن يحكم هذه العلاقة مجموعة من الارتباطات التعاقدية، بحيث يحدد في هذه العقود صلاحيات وحدود ووسائل التقييم والرقابة والحوافز والمكافآت بين الطرفين، وبالطبع يحاول كل طرف تعظيم منفعته الخاصة ولو على حساب الأطراف الأخرى. وتتناول نظرية الوكالة المشكلات المتعلقة بالمصالح المتباينة بين الأطراف المتعاونة ظاهريًا، أي الأصلاء والوكلاء، مثل المديرين وأصحاب الشركات أو المحامين وعملائهم وما إلى ذلك (Panda & Leepsa 2017; Solomon et al., 2021).
ومن المفيد الإشارة إلى عمومية مشكلة الوكالة، لأن مشكلة إقناع الوكيل بالتصرف كما لو كان هو الأصيل، وبالتالي يقوم بتعظيم رفاهية الأصيل هي مشكلة عامة تمامًا، وهي موجودة في جميع أشكال الجهود التعاونية، سواء في الشركات أو الجامعات أو الجمعيات التعاونية أو النقابات وما إلى ذلك (Jensen & Meckling, 1976).
ويمكن تعريف الشركة المساهمة في ظل نظرية الوكالة بأنها عبارة عن مجموعة من العلاقات التعاقدية الاختيارية بين الأطراف المختلفة في الشركة، وتعتبر العلاقة بين الملاك والإدارة هي الارتباط التعاقدي الأساسي لنشأت الشركة، والذي بموجبه يفوض المساهمون الإدارة نيابة عنهم في تسيير أعمال الشركة، مع منحهم سلطة اتخاذ القرارات وبما يحقق مصالح ورفاهية المساهمين وزيادة قيمة الشركة، ونتيجة لتعارض المصالح بين الإدارة والملاك وبقية أصحاب المصالح في الشركة، نشأت نظرية الوكالة كمحاولة للحد من المشاكل الناتجة عن تعارض المصالح. وذلك من أجل الحد من السلوك الانتهازي للإدارة بتفضيل مصالحها الشخصية على مصالح الملاك والأطراف الأخرى (Jensen & Meckling, 1976). وينتج عن هذا الحاجة إلى مواءمة المصالح من خلال الآليات الرقابية والحلول التعاقدية الفعالة، وبالتالي يمكن القول إن نظرية الوكالة تبحث في التعرف على مشاكل الوكالة وأسباب تلك المشاكل لاقتراح الحلول المناسبة للحد من تبعاتها وما يترتب عليها من تكاليف (Kallmuenzer, 2015).
وبالتالي فإن جوهر مشكلة الوكالة يكمن في اهتمام الوكيل "المديرين" المفرط بسلوك المصلحة الذاتية له على حساب مصلحة الأصيل "المساهمين" (Bendickson et al., 2016) حيث يلجأ الوكيل عند اتخاذه للقرارات الإدارية إلى تعظيم منافعه على حساب منافع الأصيل، كما يحاول الوكيل دائماً إضعاف آليات الرقابة والحوكمة على أدائه عن طريق اتاحة معلومات محدودة أو مشوهة حتى لا يتمكن الأصيل من تقييم أَداء وتصرفات الوكيل بشكل صحيح مما يعود بالنفع على الوكيل ولو على حساب الأصيل، وبالإضافة إلى ذلك يحاول الوكيل تدنية تحمله لمخاطر الأعمال أو اللجوء إلى مشاريع ذات مخاطر عالية قد تؤثر بالسلب في المدى الطويل على قيمة الشركة وثروة المساهمين.
وبالتالي يمكن القول إن أهم مشاكل الوكالة تتمثل في: أولًا، تضارب المصالح بين الوكيل والأصيل، متمثلة في المِنْافع والمزايا التي يحصل عليها الوكيل مقارنة مع المنافع والمزايا التي يحصل عليها الأصيل، حيث يلجأ الوكيل إلى تعظيم منافعه على حساب مصالح الأصيل. ثانياً، تدني قدرة الأصيل في الرقابة على أَداء وتصرفات الوكيل نتيجة عدم تماثل المعلومَات المقدمة عن واقع أداء الشركة، بسبب عدم تطابق المعلومات المتاحة للإدارة (الوكيل) وتلك المتاحة للمساهمين (الأصيل)، حيث يكون الوكيل أكثر دراية بواقع أداء الشركة وأكثر سيطرة من الأصيل عليها. ثالثًا: عدم اتخاذ قرارات تنطوي على مخاطر رغم إمكانية تحقيقها لأرباح عالية، كما قد يلجأ بعض المديرين إلى تمويل الشركة عن طريق الديون لمشاريع ذات ربحية ومَخَاطِر عالية والتخلي عن المشاريع ذات الربحية والمخاطر المقبولة من أجل اظهار الشركة بأنها جيدة نتيجة نقل الثروات من المقرضين إلى المُساهمين لحصول المديرين على المكافآت والحوافز، بينما قد يكون لهذه الديون تأثير مباشر أو غير مباشر علَى القيمة السوقية للشركة في الأجل الطويل عندما يقَوم الدائنين بالمطالبة بتسديد الديون (Panda & Leepsa, 2017).
ونتيجة للتوسع الكبير للشركات المساهمة خصوصاً في ظل العولمة وكبر الحجم الهائل لمنشآت الأعمال، اتجهت الشركات إلى أن تُوكِل مسؤولية إدارتها إلى مجلس إدارة. ويعتبر مجلس الإدارة ممثِلاً عن الملاك ومتضمناً أعضاء الإدارة العليا، وهو أداة الوصل بين الإدارة والمساهمين وأصحاب المصالح الأخرين، فمجلس الإدارة هو الآلية الأولية والأساسية للرقابة على أداء الإدارة، والتي يتم استدعاؤها للإشراف والرقابة على عمل الإدارة بما في ذلك القرارات والإجراءات والنتائج، وأيضاً الأمور المتعلقة بالإفصاح عن المعلومات المالية وغير المالية، وكذلك التحقق من مصداقية وتماثل المعلومات، ويعتبر مجلس الإدارة آلية محددة داخلياً تهدف إلى تقليل تكاليف الوكالة، من خلال تحليل وتقييم عمل الإدارة العليا ولضمان تعظيم منافع المساهمين (Donnelly & Mulcahy, 2008; Kallmuenzer, 2015).
1/1/2 تكاليف الوكالة:
صنفت معظم الدراسات تكاليف الوكالة إلى ثلاث مجموعات هي: (Jensen & Meckling, 1976; Hill & Jones, 1992; Jensen, 2005; Panda & Leepsa, 2017; Mio et al., 2020; Vitolla, et al., 2020) (يوسف، 1994؛ عطره، 2017؛ علي، 2021)
ـ تكاليف الرقابة والاشراف من قِبل الأصيل: وهي تلك التي يتكبدها الأصيل لمنع تصرفات الوكيل التي يمكن أن تسبب له الأذى، وبالطبع، سيستخدم الأصيل أدوات رقابية لمحاولة احتواء عواقب أي سلوك انتهازي للوكيل، ولتنفيذ أنظمة المكافآت لتقليل تضارب المصالح. وتشمل هذه التكاليف تكاليف الحصول على المعلومات عَن أَداء الوكيل وتكاليف التواصل مع المساهمين من أجل تبادل المعلومات وكذلك مدى الالتزام بنظام الحوافز والمكافآت والتعويضات المقررة بالعقد.
ـ تكاليف الالتزام من قِبل الوكيل: وهي تلك التكاليف التي يتحملها الوكيل من أجل كسب ثقة الأصيل، من خلال إثبات صحة القَرارات والإِجراءات المتخذة من قِبله وأنها تحقق منافع الأصيل والوكيل معاً، مثل التكاليف المرتبطة بتطبيق حوكمة الشركات، والتكاليف المرتبطة بتعيين مراجع خارجي، لضمان تقديم معلومات صحيحة أو اتخاذ إِجراءات رقابية سليمة، من أجل تقليل المخاطر والمحافظة عَلَى أصول الشركة وتحقيق منافع للجميع، ووضع بعض التعويضات عن أي إجراء سلبي يتخذ من قِبل الوكيل.
ـ الخسائر المتبقية: هي تكلفة الفرصة البديلة (أي الأرباح الضائعة أو الخسائر المتحملة) نتيجة القرارات غير المثلى من وجهة نظر الأصيل التي يتخذها الوكيل، ويمكن قياس هذه الخسائر بمقدار المنافع أو الرفاهية المفقودة أو الخسائر والمشاكل التي يتم اكتشافها نتيجة قرارات الوكيل من سنة إلى أخرى. وكمؤشر على هذا النوع من التكاليف؛ تكاليف التشغيل المتزايدة، وعدم تماثل التكاليف من سنة لأخرى، وقرارات الاحتفاظ بالموارد رغم انخفاض الطلب، وانخفاض قيمة المنشأة في المدى الطويل، وانخفاض سعر السهم.
وجدير بالذكر أن لآليات حوكمة الشركات وربط نظم حوافز ومكافآت المديرين بالتقييم الموضوعي لأدائهم، دورًا كبيرًا في التخفيف من تكاليف ومشاكل الوكالة بين المديرين والمساهمين، وتوفر الأدبيات إطاراً نظرياً لفهم سبب نشوء هذه المشاكل وعواقبها، وكيف يمكن تقليل هذا المشاكل وتكاليفها، حيث يمتلك المديرون أهدافاً مختلفة عن المساهمين ويتصرفون وفقاً لمصالحهم الخاصة عندما تسمح الفرص لذلك، وعادة ما يكون ذلك على حساب المساهمين وأصحاب المصالح. علاوة على ذلك، فإن مثل هذه الفرص تظهر بشكل أكبر في الشركات ذات الإدارة الرديئة، والتي تتميز بغياب آليات الرقابة والتأديب الفعالة، فمن المرجح أن يتبنى المديرون في هذه الشركات استراتيجيات وسياسات دون المستوى الأمثل، مثل الانخراط في أنشطة تجعل المديرين على ما يبدو أنهم لا غنى عنهم، مع التلاعب المتكرر بمقاييس الأداء ومقاومة عمليات التغيير والقرارات الجذرية (Florackis & Ozkan, 2009; Kumar & Zattoni, 2016).
ويُعد التحصين الإداري أحد المسببات الأساسية لمشاكل الوكالة، حيث يترتب عليه غالبا زيادة سلطة ونفوذ وقوة المديرين مقارنةً بالمساهمين وأصحاب المصالح الآخرين (Rodrigues & Antonio, 2011)، كما يعتبر السلوك غير المتماثل للتكلفة ناتج عن قرارات الإدارة المرتبطة بميول المديرين لتنمية الشركة بما يتجاوز حجمها الأمثل أو للحفاظ على الموارد غير المستغلة بغرض زيادة المنفعة الشخصية من الوضع والسلطة والمكافآت والحوافز، فمن المرجح أن يزيد المديرون المتحصنون من التكاليف (وبصفة خاصة التكاليف البيعية والعمومية والإدارية) بسرعة كبيرة (على سبيل المثال، إضافة رواتب ومكافآت وحوافز وزيادة النفقات الإدارية والمكتبية بسرعة كبيرة جدًا) عندما ترتفع المبيعات، كما يقومون بتخفيض التكاليف ببطء شديد (على سبيل المثال، تأخير تخفيض الرواتب والمكافآت والحوافز والنفقات الإدارية والمكتبية) عندما تنخفض المبيعات (Anderson et al., 2003; Chen et al., 2012). وعلى ذلك فإن متغيرات الدراسة الحالية أحدهما يترتب عليه زيادة المشاكل الناتجة عن الوكالة، والأخر يعد نتيجة للقرارات الإدارية المتأثرة بمشاكل الوكالة.
1/2 التحصين الإداري في إطار نظرية الوكالة:
بداية، وقبل التعرف على مفهوم وآليات التحصين الإداري، هناك بعض المصطلحات يجب ضبط مفاهيمها طبقاً للدليل المصري لحوكمة الشركات، فبعد قيام الجمعية العامة للشركة المساهمة بانتخاب مجلس الإدارة، فإن إدارة الشركة تكون موكلة لمجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين، ومجلس الإدارة هو السلطة المسئولة عن وضع الأهداف والاستراتيجيات والسياسات ومتابعة ومراقبة أداء إدارة الشركة طبقًا لنظامها الأساسي، ويعتبر مجلس الإدارة هو حلقة الوصل بين الإدارة التنفيذية العليا بالشركة والمساهمين وأصحاب المصالح الآخرين. ورئيس مجلس الإدارة هو عضو مجلس الإدارة الذي يختاره أعضاء المجلس من بينهم ليرأس اجتماعات المجلس، ويكون الممثل القانوني للشركة. والعضو المنتدب هو عضو مجلس الإدارة الذي ينتدبه المجلس ليقوم بالإدارة التنفيذية الفعلية للشركة، ويعتلي هرم السلطة التنفيذية بها، ويحدد مجلس الإدارة اختصاصاته ومكافآته (الدليل المصري لحوكمة الشركات، 2016)، ويسميه البعض الرئيس التنفيذي "Chief Executive Officer" أو المدير التنفيذي الأول لأنه الرئيس المباشر للمديرين التنفيذيين بالإدارة العليا للشركة. ويعتبر الرئيس التنفيذي والمديرين التنفيذيين بالإدارة العليا للشركة هم المسئول الأساسي عن اتخاذ القرارات الإدارية التنفيذية بالشركة، وترتبط مشاكل الوكالة وظاهرة التحصين الإداري بهذه الفئة الإدارية بشكل أساسي.
1/2/1 ماهية التحصين الإداري:
التحصين الإداري "Managerial Entrenchment" ظاهرة يمكن فهمها على أنها قوة إدارية يكتسبها المديرين التنفيذيين لتقليص أو مصادرة نفوذ أصحاب الثروة (Florackis & Ozkan, 2009). فهو شكل من أشكال صراع الوكالة بين المديرين والمساهمين، في مواجهة آليات الحوكمة والرقابة غير الفعالة، فقد يتابع المديرون مصالحهم على حساب المساهمين ويسعون إلى تحقيق الأهداف الشخصية للحفاظ على وظائفهم وتجنب تدقيق أصحاب المصلحة بدلاً من تحقيق أهداف الشركة (Kumar & Zattoni, 2016). وهناك دليل على أن التحصين والحوكمة الضعيفة لها عواقب سلبية على الأداء التشغيلي والمالي، بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الدراسات أن المديرين المتحصنين يميلون إلى اختيار السياسات الاستثمارية والمالية التي ليست في مصلحة مختلف أصحاب المصلحة في الشركات (عفيفي، 2017). فالتحصين الإداري هو المدى الذي يُمكن معه للمديرين عدم الالتزام بإجراءات وقواعد العمل وآليات الرقابة بما يحد من فعاليتها، إضافةً إلى قيام بعض المديرين بتحصين أنفسهم ضد الضغوط التي يُمكن أن تُمارَس عليهم من خلال آليات حوكمة الشركات الداخلية والخارجية (أبو سالم & علوان، 2018).
وبالتالي فإن التحصين الإداري يُعد أحد المسببات الأساسية لزيادة مشاكل الوكالة، حيث يترتب عليه غالبا زيادة سلطة وقوة ونفوذ المديرين مقارنةً بأصحاب المصالح الآخرين في الشركة (Rodrigues & Antonio, 2011)، وهو ما ينتج عنه سيطرة الإدارة وتحكمها في اتخاذ القرارات بالشكل الذي يترتب عليه استغلال موارد الشركة في تحقيق منافعهم الخاصة على حساب الملاك وأصحاب المصالح الأخرين (عبد المنعم، 2021)، فالتحصين الإداري غالبًا يجعل المديرين يميلون إلى أن يكونوا أقل طموحًا ويتجنبون اتخاذ القرارات الصعبة أو القيام باستثمارات محفوفة بالمخاطر العالية (Bangmek, 2020).
وجدير بالذكر إنه عندما تسهم الإدارة في زيادة الأداء وتحسين قيمة الشركة، فإنها سوف تمتلك قوة وسيطرة عن أصحاب المصالح الأخرين، وتعتبر تلك القوة ناتجة عن ميزة شرعية، حيث إنها تنبع من اعتراف الشركة وأصحاب المصالح بقدرات وكفاءات إدارتها. برغم ذلك، فإن استراتيجيات التحصين تسمح للمديرين بتزايد قوتهم وسيطرتهم عن أصحاب المصالح الآخرين بغض النظر عن كفاءة أدائهم ومساهمتهم في تحسين قيمة الشركة، ففي بعض الأحيان، يحصل المديرون على الكثير من المنافع يفوق ما يساهمون به في أداء وقيمة الشركة، وبالتالي فإن التحصين الإداري يمكن رؤيته بأنه ينجم عن مصدر غير شرعي للقوة (عفيفي، 2017؛ Rodrigues & António, 2011)، ويوضح الشكل رقم (1) التالي تلك الفكرة:
قوة عادلة (تميز) |
قوة غير عادلة (تحصين) |
شكل (1) أداء الشركة وقوة المديرين
المصدر: Rodrigues & António, 2011
وكما يتضح في الشكل السابق، إذا كانت الزيادة في قوة وسيطرة المديرين ناتجة عن زيادة أداء وقيمة الشركة، فإن ذلك يعني قدرتها على زيادة الثروة للمساهمين وأصحاب المصالح وتحقيق النفع أيضا لجميع الأطراف، وبالتالي فإن تلك القوة تُرى بأنها تميز إداري. وعلى النقيض من ذلك، فإنه إذا لم تكن الزيادة في قوة وسيطرة المديرين مصحوبة بقدرتهم على زيادة الثروة، فإن تلك القوة تعتبر قوة غير شرعية، لأن المديرين لا يقومون بما يجب عمله (عفيفي،2017)، بل إنهم يسعون إلى تحقيق مصالحهم على حساب ثروة أصحاب المصالح الآخرين، وعندما يضطر أصحاب المصالح لقبول قرارات وتصرفات الإدارة في هذه الحالة، فهذا يعني أن هناك تحصين إداري (Rodrigues & António, 2011).
ويقوم التحصين الإداري على فرضية أساسية هي: أنه عادةً يسعى المديرون لإيجاد طرق أو أساليب مختلفة بما في ذلك امتلاك عدد من أسهم الشركة من أجل حماية مصالحهم الخاصة، وضمان زيادة قوتهم وسيطرتهم بما يوفر لهم سلطة كافية للتحكم في الشركة، كما يسعون إلى زيادة سيطرتهم بما يحقق لهم الأمان الداخلي والاحتفاظ بمناصبهم، كما يحاولون دائما إشعار المساهمين بأنهم لا يمكن الاستغناء عنهم، وبالإضافة إلى ذلك فإن هؤلاء المديرون المتحصنون يحاولون دائما البحث عن طرق لإضعاف الآليات الرقابية لتجنب المساءلة من قِبل الأطراف الداخلية أو الخارجية (Noviyanti & Agustina, 2021)، ومعنى ذلك أن التحصين الإداري يُعد أحد المسببات الأساسية لزيادة المشاكل الناجمة عن الوكالة.
وبالطبع، فإن تحصين المديرين لا يتم بصورة رسمية ولا يتم الاعتراف به رسميًا، ولكن يتم بنائه ضمن شبكة من العلاقات غير الرسمية التي يسيطر عليها المديرين أو ما يعرف ببناء الإمبراطورية الإدارية، حيث يسمح لهم التحصين بزيادة قوتهم تجاه أصحاب المصلحة بشكل غير شرعي، ومع ذلك، هناك اتجاه آخر محدود يرى أن التحصين الإداري يمكن أن يكون مفيدًا إذا ساهم في خلق القيمة وتطوير الشركة ككل (Rodrigues & António, 2011)، حيث يُمكن أن يتم الاستفادة منه عن طريق السعي نحو المزيد من تقارب المصالح فيما بين المساهمين والادارة، وذلك مع الاهتمام المتزايد بآليات الحوكمة والرقابة ونظم المكافآت المرتبطة بالقياس الموضوعي للأداء (Kumar & Zattoni, 2016)، فلا يُمكن النظر دائماً إلى التحصين الإداري كدليلٍ على عدم كفاءة الإدارة، فقد يترتب عليه تجنب الخسائر أو إضافة قيمة للشركة، بالإضافة إلى الحفاظ على علاقات الشركة مع الآخرين بما يضمن بقاء الشركة ونموها، كما يُمكن أن يستفيد المديرون من التحصين الإداري في الحفاظ على مناصبهم نتيجة تحقيق المزيد من الربحية للمساهمين (عفيفي ،۲۰۱۷).
1/2/2 آليات التحصين الإداري:
حول وسائل وآليات التحصين الإداري والتي يمكن أن يستخدمها المديرون للحفاظ على سلطتهم أو زيادتها، فتتمثل أهمها فيما يلي:
ـ ازدواجية دور الرئيس التنفيذي:
تتضمن مسئوليات مجلس الإدارة اختيار الرئيس التنفيذي (العضو المنتدب) وانتدابه ليقوم بالإدارة التنفيذية الفعلية للشركة، كما يقوم المجلس بالإشراف والرقابة على الإدارة التنفيذية وتقييم أدائها (الدليل المصري للحوكمة، 2016).
وازدواجية دور الرئيس التنفيذي "CEO Duality" هي الحالات التي يجمع فيها الرئيس التنفيذي بين منصبي رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي (العضو المنتدب)، ووفقاً لنظرية الوكالة، فإن وجود ازدواجية لدور الرئيس التنفيذي تُعد إشارة إلى غياب الفصل بين اتخاذ القرارات وتقييم (والرقابة على) نتائج القرارات، الأمر الذي يقيد من استقلالية مجلس الإدارة ويقلل من قدرته على أداء الدور المنوط به بشأن الإشراف والرقابة على تصرفات وقرارات الإدارة التنفيذية (أبو سالم & علوان، 2018)، مما يؤثر سلباً على عملية الإشراف والرقابة، ويجعل تقييم أداء الإدارة التنفيذية يتصف بعدم الموضوعية، إضافةً إلى زيادة مشاكل الوكالة والسلوك الانتهازي للإدارة التنفيذية، وبالتالي ارتفاع تكاليف الوكالة (Florackis & Ozkan, 2009)، وأكد على هذا المعنى Solikhah & Jariyah (2020) حيث أشارا إلى أنه من المرجح أن تتسبب ازدواجية دور الرئيس التنفيذي في مجلس الإدارة إلى تعارض في الوظائف ومن ثم تضارب في المصالح مما يؤدي إلى تحيز وعدم موضوعية دور رئيس مجلس الإدارة.
فتقلد الرئيس التنفيذي لمنصب رئيس مجلس الإدارة يجعله قادراً على التحكم في جدول أعمال المجلس، والتأثير في معظم قراراته بالشكل الذي يتوافق مع مصالح الإدارة التنفيذية للشركة، فضلا عن تدخله بشكل كبير في عملية عزل وتعيين أعضاء المجلس، ومحاولة الاحتفاظ بمنصبه لأطول فترة ممكنة. ومن ثم، فإن دمج تلك الأدوار والمسئوليات في يد شخص واحد يعد تركيزاً للسلطة ويترتب عليه غالباً عدم فعالية الدور الرقابي لمجلس الإدارة (Kaur & Singh, 2018)، كما أنه يزيد من احتمالات حدوث صراع الوكالة نتيجة سعي الإدارة التنفيذية للشركة لتحقيق مصالحها الذاتية بشكل انتهازي على حساب مصالح الأطراف الأخرى ذات المصلحة في الشركة (أبو سالم & علوان، 2018).
وجدير بالذكر أن الدليل المصري للحوكمة لم يمنع نهائياً ازدواجية دور الرئيس التنفيذي، ولكنه أشار إلى عدم تفضيل ازدواجية الدور على النحو التالي: "يتولى مجلس الإدارة انتخاب رئيس المجلس وتعيين العضو المنتدب (الرئيس التنفيذي)، ولا يفضل الجمع بين منصبي رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب. وفي حال عدم إمكان ذلك يجب الإفصاح عن أسباب ذلك في التقرير السنوي والموقع الالكتروني للشركة. وفي هذه الحالة وطبقاً لأفضل الممارسات الدولية يتم تعيين نائب رئيس مجلس إدارة مستقل يرأس الاجتماعات التي تناقش أداء الإدارة التنفيذية" (الدليل المصري للحوكمة، 2016).
ـ فترة بقاء الرئيس التنفيذي في منصبه:
تُعد فترة بقاء الرئيس التنفيذي في منصبه "CEO Tenure" الركن الأكثر أهمية في عملية وضع إطار التحصين الإداري (عبد الرحيم، 2019)، وقد اختبر عدد من الدراسات العلاقة بين فترة بقاء الرئيس التنفيذي في منصبه ومستوى التحصين الإداري، ووجد أن هناك ارتباط إيجابي بينهما (Beyer et al.,2012; Zheng, 2010). حيث إن طول فترة بقاء الرئيس التنفيذي في منصبه سوف يساعده على إقامة المزيد من العلاقات داخل وخارج الشركة (Limbach et al., 2016). وطبقاً لنظرية الوكالة فإنه كلما طالت مدة بقاء الرئيس التنفيذي في منصبه، يكون لديه الوقت الكافي لبناء إمبراطورية إدارية وتجميع للقوى، ومحاولة السيطرة أكثر على مجلس الإدارة وإضعاف آليات الرقابة الداخلية الأخرى، وبالتالي من المحتمل أن يتجه نحو تحقيق مصلحته الخاصة ولو على حساب مصالح المساهمين (Chen et al., 2012).
وبالإضافة إلى ذلك، فإن طول فترة بقاء الرئيس التنفيذي في منصبه تجعله قادراً على الاستحواذ على المعلومات وأكثر دراية بواقع أداء الشركة وأكثر سيطرة عليها، كما أن الرئيس التنفيذي الذي يشغل منصبه لفترة طويلة قد يتمكن من التأثير على تشكيل مجلس الإدارة، وذلك من خلال تعيين مديرين جدد يدينون له بالولاء (Limbach et al., 2016؛ عفيفي، 2017؛ عبد الرحيم، 2019؛ محمد، 2020).
ـ الملكية الإدارية:
الملكية الإدارية "Managerial Ownership" هي حصة الإدارة في حقوق ملكية الشركة، وتحسب بنسبة عدد الأسهم المملوكة لأعضاء مجلس الإدارة إلى عدد الأسهم المصدرة، وعادة ما يتم استخدام الملكية الإدارية لتخفيف مشاكل الوكالة بين المديرين والمساهمين (Shuto & Takada, 2010).
وتُعد الملكية الإدارية أحد الوسائل التي يلجأ إليها المديرون لتحصين أنفسهم (Beyer et al., 2012)، وأكد على هذا (Shuto & Takada, 2010; Kumar & Zattoni, 2016) حيث وجدوا أن هناك علاقة إيجابية بين الملكية الإدارية ومستوى التحصين الإداري.
وتشير الدراسات إلى أن مستويات الملكية الإدارية تعكس مشكلتين للوكالة بين المديرين والمساهمين؛ هما تأثير تقارب المصالح وتأثير تحصين الإدارة؛ فتأثير تقارب المصالح هو توقع نظري بأن المديرين ذوي الأسهم الأكبر لديهم حوافز أقوى للعمل بما يتماشى مع مصالح المساهمين الخارجيين، أما تأثير تحصين الإدارة فيرتبط بمشكلة الوكالة المتمثلة في أن المديرين ذوي الأسهم الأكبر لديهم سيطرة أكبر على الشركات، وبالتالي، فإنهم يمتلكون مجالًا أكبر للعمل في مصالحهم الخاصة (Shuto & Takada, 2010).
وبالتالي فإن الملكية الإدارية لها تأثيران متعارضان على تصرفات المديرين، يشير تأثير تحصين الإدارة إلى أن المديرين ذوي الملكية الأكبر لديهم سيطرة أكبر على الشركات، وبالتالي، فإنهم يمتلكون مجالًا أكبر للعمل في مصالحهم الخاصة لأنهم أقل عرضة للمساءلة (Morck, et al., 1988). وعلى النقيض من ذلك، يرى آخرون (Mandacı & Gumus, 2010; Kumar & Zattoni, 2016 ) أنه طبقاً لفرضية تقارب المصالح، فإن الملكية الإدارية الأكبر يترتب عليها حرص المديرين على تحسين أداء وقيمة الشركة بما يحقق المواءمة بين مصالحهم ومصالح المساهمين، بسبب المنافع التي يحققها المديرون نتيجة القرارات الصحيحة التي يتخذونها، بالإضافة إلى تحملهم للمخاطر في حالة وجود خسائر ناتجة عن قراراتهم الخاطئة (Nugraha, 2021).
وفي هذا الخصوص، أشارت مجموعة من الدراسات (Barnhart & Rosenstein, 1998; Mandacı & Gumus, 2010; Kumar & Zattoni, 2016) إلى أن آليات الحوكمة لا تلغي إمكانية تحصين المديرين لأنها تصبح مكلفة ويصعب على مجالس الإدارة والمساهمين إزالتها، مما يجعل من الصعب على مجالس الإدارة انتزاع السيطرة من المديرين التنفيذيين الذين خدموا لفترة طويلة، ويمكن اعتبار الملكية الإدارية أحد الآليات التي تساعد على تقارب مصالح المديرين والمساهمين، مما قد يخفف من مشاكل الوكالة، بالإضافة إلى أن المديرين الذين لديهم ملكية عالية يركزون أكثر على تحسين أداء وقيمة الشركة في الأجل الطويل، لأن ذلك يحقق لهم منافع في اتجاهين؛ الأول: ما يعود عليهم من نفع نتيجة لتزايد قيمة الشركة والأرباح الموزعة التي يكون لهم نصيب فيها، والثاني: زيادة ثقة المساهمين ومجلس الإدارة في كفاءتهم وبالتالي الحفاظ على مراكزهم وسلطتهم.
ـ استقلال مجلس الإدارة:
مراعاةً لاستقلال مجلس الإدارة "Board Independence"، فإن الدليل المصري للحوكمة، وضع آلية تشكيل المجلس على النحو التالي: "يتم يشكل مجلس الإدارة من عدد مناسب من الأعضاء على نحو يمكنه من الاضطلاع بوظائفه وواجباته وبما في ذلك تشكيل لجانه. كما يجب أن تكون أغلبية أعضاء المجلس من غير التنفيذيين بينهم عضوين مستقلين على الأقل يتمتعون بمهارات فنية وتحليلية مما يجلب نفعًا للمجلس وللشركة. وطبقًا لأفضل الممارسات الدولية يتم مراعاة مزيج أعضاء المجلس دون التحيز لجنس أو عقيدة. وفي جميع الأحوال يتعين عند اختيار الأعضاء المستقلين وغير التنفيذيين مراعاة أن يكون العضو قادرًا على تخصيص الوقت والاهتمام الكافي للشركة وألا يكون هناك تعارضًا مع مصالح أخرى له" (الدليل المصري لحوكمة الشركات، 2016).
ويعد استقلال مجلس الإدارة أحد الآليات المهمة لحوكمة الشركات، حيث أصبح ينظر إلى الأعضاء المستقلين وغير التنفيذيين في مجالس الإدارة باعتبارهم عنصراً رئيسياً من عناصر الرقابة الداخلية، ومؤشراً مهماً من مؤشرات جودة تطبيق الحوكمة (أبو سالم & علوان، 2018).
ويعتمد المساهمين على مجلس الإدارة في الإشراف والرقابة على أنشطة وتصرفات المديرين، من أجل التحقق من أن المديرين يعملون لصالح المساهمين، لذلك فمن الضروري الاهتمام بزيادة عدد الأعضاء المستقلين بمجلس الإدارة لتعزيز الجانب الرقابي على المديرين التنفيذيين، وطبقا لنظرية الوكالة، فإن وجود الأعضاء المستقلين بمجلس الإدارة سيترتب عليه الحد من السلوك الانتهازي للإدارة، وبالتالي انخفاض تكاليف الوكالة، كما أنه يساعد على تسوية الخلافات الداخلية وتحسين العلاقات بين الإدارة والمساهمين وأصحاب المصالح الآخرين، مما يحسن من أداء وقيمة الشركة (Salehi, et al., 2020)، وبالتالي يمكن القول إن وجود عدد كافي من الأعضاء المستقلين بمجلس الإدارة، يترتب عليه غالباً الحد من ممارسات التحصين الإداري (Faleye, 2007).
1/3 السلوك غير المتماثل للتكلفة في إطار نظرية الوكالة:
تعتبر التكاليف دائماً عاملاً رئيسياً في اتخاذ معظم القرارات، ولعل فهم سلوك التكاليف يعد مفتاح اتخاذ العديد من القرارات الإدارية في المنشأة، فالمديرون الذين يدركون سلوك التكاليف يكون لديهم قدرة أكبر على التنبؤ بالتكاليف في ظروف التشغيل المختلفة. مما يزيد من درجة استيعاب البدائل وتقليل درجة عدم التأكد وبالتالي اتخاذ قرارات صحيحة ورشيدة (عبد الفتاح، 2020)، وتحتاج الشركات إلى تبويبات التكاليف في الكثير من القرارات وأداء المهام الإدارية من تخطيط ورقابة وتقييم الأداء.
1/3/1 السلوك المتماثل للتكلفة في مقابل السلوك غير المتماثل للتكلفة:
ويعرف سلوك التكلفة "Cost Behavior" بأنه مدى التغير في التكلفة الناتج عن التغير في حجم أو مستوى النشاط، وطبقا لأساسيات محاسبة التكاليف يفترض أن سلوك التكلفة متماثل في علاقته بحجم النشاط، حيث يتم تبويب التكاليف على أساس سلوكها إلى تكاليف ثابتة ومتغيرة ومختلطة، فعندما يتغير حجم النشاط وتبقى بعض التكاليف ثابتة كما هي دون تغير فهي تكاليف ثابتة؛ في حين تتغير التكاليف المتغيرة مع التغير في حجم النشاط بنفس النسبة وفي نفس الاتجاه؛ وإذا تغيرت التكاليف تغيرًا جزئيًا مع التغير في حجم النشاط فهي تكاليف مختلطة، ولا يمكن القول إن هذا التبويب تبويبًا متقادمًا، نعم هو تبويبٌ تقليدي ولكنه منطقي إذا افترضنا أن محرك التكاليف الوحيد هو حجم النشاط. وبالرغم من ذلك فقد أشار Horngren et al. (2012) إلى أنه لا يجب بحال من الأحوال، افتراض أن بنود تكلفة بذاتها تكون متغيرة دائما أو ثابتة دائما، فتكاليف العمالة مثلا يمكن أن تكون متغيرة بالكامل في علاقتها بحجم النشاط، ويمكن أن تصنف كتكاليف ثابتة إذا حُددت هذه التكاليف طبقاً لما تقتضيه النقابات العمالية أو قوانين معينة.
وفيما يتعلق بسلوك التكلفة، فمن المعلوم أن الفكر المحاسبي إستقر على افتراض وجود علاقة خطية بين التكاليف وحجم النشاط خلال المدى الملائم للنشاط، وأن العلاقة بين التكاليف المتغيرة وحجم النشاط علاقة طردية وتناسبية، أي أن معدل التغير في التكلفة يعتمد فقط على معدل التغير في حجم النشاط، فإذا زاد النشاط زادت التكلفة وإذا نقص النشاط نقصت التكلفة بنفس النسبة وفي نفس الاتجاه، وكذلك يفترض أن التكاليف الثابتة لا تتأثر بالتغيرات في حجم النشاط في الأجل القصير في حدود المدى الملائم للطاقة، وهذه الافتراضات قد تكون صحيحة نسبياً إذا افترضنا أن مسبب أو محرك التكلفة "Cost Driver" الوحيد هو حجم النشاط متمثلاً في حجم الإنتاج أو حجم المبيعات، وهذا ما أثبت مدخل التكلفة على أساس النشاط عدم صحته، حيث إن مدخل التكلفة على أساس النشاط يرى أن التكاليف تحدث في الأساس مع استهلاك واستخدام الموارد، من أجل تنفيذ مجموعة متعددة من الأنشطة، وأن لكل نشاط مجموعة من مسببات أو محركات حدوث التكلفة، ويتم اختيار المسبب صاحب التأثير الأكبر كمحرك لتكلفة النشاط، وبالتالي فمسببات أو محركات التكاليف تتعدد بتعدد الأنشطة (Cooper & Kaplan, 1992).
فالافتراض الأساسي لمدخل التكلفة على أساس النشاط يتمثل في أن محركات التكلفة هي التي تستطيع أن تفسر الاختلافات في سلوك التكلفة وهي المتغير الذي يؤثر في النهاية على مقدار التكلفة، لأن علاقة السبب والنتيجة تكون متاحة في هذه الحالة خلال المدى الملائم، ولكن أيضاً قد يكون هناك صعوبة عند التحديد الدقيق لمسببات التكلفة، فهناك احتمالية اشتراك مسبب تكلفة واحد في التأثير على أكثر من نشاط وبصور متباينة، وقد يكون مسبب التكلفة في علاقة عكسية مع بعض المتغيرات المرتبطة به أو بالنشاط ذاته، بمعنى أن النقص في أحد المتغيرات المرتبطة بمسبب التكلفة يؤدي الى زيادة في أحد المتغيرات الأخرى التي لها تأثير على النشاط والتكلفة (Novák & Popesko, 2014). وجدير بالذكر أن مدخل التكلفة على أساس النشاط لم يتخلص من افتراض وجود علاقة خطية بين التكاليف وحجم النشاط، بل إنه أحد الافتراضات الأساسية للمدخل، ولكن على مستوى الأنشطة الفرعية.
وبالإضافة إلى ذلك، إذا أردنا دراسة سلوك التكلفة في إجماليها كما هو وارد في القوائم المالية مثلا، فبالطبع يتضمن إجمالي التكلفة (سواء الإنتاجية أو التسويقية والبيعية أو العمومية والإدارية) العديد من الأنشطة والتي تحتوي على العديد من البنود المتغيرة والثابتة، ومادام إجمالي التكاليف يتضمن العديد من الأنشطة والعديد من البنود، فمن الطبيعي عند ارتفاع مستوى النشاط أن تزيد التكاليف في إجماليها بمقدار الزيادة في التكاليف المتغيرة، وإذا انخفض مستوى النشاط تنقص التكاليف في إجماليها بمقدار النقص في التكاليف المتغيرة، وهذه هي النتيجة المنطقية لمفهوم سلوك التكلفة، وكل هذا بافتراض عدم تجاوز الطاقة عن المدى الملائم.
ومن الضروري هنا توضيح المقصود بافتراض وجود علاقة خطية بين التكاليف وحجم النشاط ـ وذلك طبقا للمفهوم التقليدي لسلوك التكلفة أو مدخل التكلفة على أساس النشاط ـ لأن مفهوم السلوك المتماثل للتكلفة مبنيٌ على هذا الافتراض، وهو يعني أن ارتفاع حجم النشاط أو انخفاضه بنسبة متساوية سيترتب عليه زيادة أو نقصان التكاليف بنسبة متساوية أيضا، بمعنى أن التكاليف ستزيد بدرجة معينة عند ارتفاع حجم النشاط وتنقص بنفس الدرجة مع انخفاض حجم النشاط بمقدار مكافئ، فعلى سبيل المثال، وبفرض أن حجم النشاط ارتفع بنسبة 10% فزادت التكاليف بنسبة 6%، فإنه طبقا لافتراض الخطية، إذا انخفض حجم النشاط بنفس النسبة وهي 10% فإن التكاليف ستنقص بنسبة 6% أيضا.
ولكن مع ما تتسم به بيئة الاعمال الحالية بالديناميكية وقابليتها للتغير المستمر وفقاً لتغير الظروف المحيطة بها، فقد يتطلب الأمر اتخاذ قرارات (تسمى قرارات تسوية الموارد) خلال الأجل القصير يترتب عليها تجاوز المدى الملائم زيادةً أو نقصانًا لمواكبة ظروف الطلب، كما قد يتطلب الأمر اتخاذ أي نوع من القرارات الحتمية لمواكبة تلك الظروف، والتي يمكن أن ينتج عنها تغييرات جوهرية في التكاليف، مع الانتباه إلى أن تأجيل وإرجاء مثل هذه القرارات، في ظل التغيرات المتسارعة في بيئة الأعمال وظروف الطلب، قد يترتب عليه تكبد الشركة لخسائر كبيرة. وبالطبع سينتج عن قرارات تسوية الموارد تأثر التكاليف الثابتة (زيادة أو نقصانًا) في الأجل القصير، وهذا بالطبع سيترتب عليه أن إجمالي التكاليف ستتغير بشكل غير متماثل مع التغير في حجم النشاط، هذا بالإضافة إلى أن القرارات المتعلقة بتسوية الموارد تنطوي غالبا على تضارب المصالح بين الإدارة والملاك وأصحاب المصالح الآخرين مثلها في ذلك مثل معظم القرارات الإدارية طبقا لنظرية الوكالة. وبالتالي يمكن القول إن الخروج عن افتراض السلوك الخطي للتكلفة في الأجل القصير ناتج بشكل أساسي عن التغيرات التي تطرأ على التكاليف الثابتة نتيجة لتسويتها استجابة للتغيرات في ظروف وحجم الطلب.
ففي العقدين الماضيين أظهرت بعض الدراسات وجهة نظر تؤكد أن أحد المحركات الأساسية للتغيرات في سلوك التكاليف هو القرارات الإدارية، وهذه النظرة الحديثة تعد بمثابة اتجاه قوي فتح المجال لدراسة سلوك التكلفة بطريقة مستحدثة وواقعية للتفكير من خلال منظور القرارات الإدارية (Anderson et al., 2003; Anderson et al., 2007; Anderson & lanen, 2009; Weiss, 2010; Pamplona et al., 2016) (منطاش، 2015؛ شاهين، 2018؛ الصغير، 2019).
ونتج عن ما سبق، أن قدمت دراسات حديثة دليلاً على صحة وجهة النظر السابقة، وما يترتب عليها من عدم تماثل سلوك التكلفة في حالات كثيرة وفي بيئات أعمال مختلفة (Anderson et al., 2003; Anderson et al., 2007; Anderson & lanen, 2009; Weiss, 2010; Cannon, 2011; Kama & Weiss, 2013; Banker & Byzalov, 2014; Ezat, 2014; Ibrahim, 2015; Xu & Sim, 2017; Kontesa & Brahmana, 2018; Abdullah, 2021) (منطاش، 2015؛ أحمد، 2018)، حيث وجدت هذه الدراسات أن استجابة التكلفة للتغير في حجم النشاط عند زيادته تختلف عن استجابتها عند حدوث انخفاض مماثل في حجم النشاط؛ حيث تزداد التكلفة مع زيادة حجم النشاط بمعدل أكبر (أو أقل) من معدل انخفاضها في حالة انخفاض مماثل في حجم النشاط، وكان الهدف الأول لدراسة هذه الظاهرة هو البحث عن مسببات هذا السلوك غير المتماثل للتكلفة.
وتعد دراسة Anderson, Banker & Janakiraman (2003) هي نقطة البداية لانتشار فكرة السلوك غير المتماثل للتكلفة؛ حيث أوضحت أن التكلفة تصبح غير متماثلة السلوك إذا كان معدل الزيادة في التكاليف المرتبطة بزيادة مستوى النشاط أكبر من معدل الانخفاض في التكاليف المرتبطة بانخفاض مكافئ في مستوى النشاط، مستندة في ذلك على فحص العلاقة بين سلوك التكاليف البيعية والعمومية والإدارية SG&A " Selling, General & Administration Costs" وبين التغيرات في إيرادات المبيعات، وذلك بالنسبة لـ 7629 شركة على مدى 20 عاماً، ووجدت الدراسة أن التكلفة البيعية والعمومية والإدارية (SG&A) تزيد في المتوسط بنسبة 0.55٪ لكل زيادة في المبيعات بنسبة 1٪ ولكنها تنخفض بنسبة 0.35٪ فقط لكل انخفاض بنسبة 1٪ في المبيعات. وقد أطلق Anderson et al., (2003) على هذه الظاهرة اسم التكلفة اللزجة أو الملتصقة (Sticky cost)، وأوضحت الدراسة أن التكلفة اللزجة تحدث نتيجة قرارات المديرين عند المفاضلة بين خيارات الطاقة المختلفة للموارد المخصصة للأنشطة في ظل تقلب مستويات الطلب، ففي حالة ارتفاع مستوى الطلب وتوقع المديرين استمرار زيادة إيراد المبيعات، يدفعهم ذلك إلى استغلال الطاقة العاطلة وربما زيادة الطاقة وبالتبعية زيادة التكلفة بمقدار أكبر وأسرع من خفض الموارد العاطلة عند انخفاض مستوى الطلب وتوقع انخفاض إيراد المبيعات مستقبلا، وذلك لحين التأكد من استمرارية انخفاض الطلب من ناحية ودراسة الجدوى الاقتصادية لقرار الاستغناء عن الموارد من ناحية أخري.
ومن ناحية أخري قدمت دراسة Weiss (2010) الاتجاه الثاني للسلوك غير المتماثل للتكلفة وهو التكلفة غير اللزجة أو المقاومة للالتصاق ((Anti-Sticky Cost؛ وأشارت إلى أن التكلفة تصبح غير لزجة إذا كانت الزيادة في التكاليف المرتبطة بزيادة حجم النشاط أقل من النقص في التكاليف المرتبط بانخفاض مكافئ في حجم النشاط. مستندة في ذلك على فحص العلاقة بين سلوك إجمالي التكلفة (مجموع التكلفة البيعية والعمومية والإدارية وتكلفة البضاعة المبيعة COGS "Cost of Goods Sold") وإيراد المبيعات، وأوضحت الدراسة أن التكلفة غير اللزجة تحدث حين يمتلك المديرون تأكيداً بأن الانخفاض في النشاط مستمر وليس مؤقتا، وأن تكلفة الاحتفاظ بالموارد غير المستغلة أكبر من تكلفة التسوية (تكاليف الاستغناء عن الموارد حاليا ثم استعادتها مستقبلا) ومن ثم فإنهم يميلون أكثر إلى اتخاذ قرارات تتعلق بالتخلص من الموارد غير المستغلة، بينما يفضلون مع ارتفاع حجم النشاط زيادة معدل استغلال الطاقة الحالية أولاً قبل التفكير في زيادتها، مما يجعل معدل زيادة التكلفة اقل من معدل انخفاضها.
وبناءً على دراسة (Anderson et al., 2003) ودراسة (Weiss; 2010) تم تبويب التكاليف ذات السلوك غير المتماثل إلى: تكاليف لزجة أو ملتصقة "Sticky Cost"، وأخري غير لزجة أو مقاومة للالتصاق "Anti-Sticky Cost". ويُقال إن التكاليف لزجة أو ملتصقة، عندما تزيد التكاليف بدرجة أكبر مع ارتفاع حجم النشاط من مقدار تناقصها مع انخفاض حجم النشاط بمقدار مكافئ (Anderson et al., 2003)، فعلى سبيل المثال: نفترض أن حجم النشاط ارتفع بنسبة 10% فترتب على ذلك زيادة التكاليف بنسبة 6%، وعند انخفاض حجم النشاط بنفس النسبة 10% تناقصت التكاليف ولكن بنسبة 3% فقط. وعلى العكس من ذلك، يُقال إن التكاليف مقاومة للزوجة أو مقاومة للالتصاق، إذا زادت التكاليف بشكل أقل استجابة مع ارتفاع حجم النشاط مقارنة بتناقصها عندما ينخفض حجم النشاط بمقدار مكافئ (Weiss 2010)، فعلى سبيل المثال: نفترض أن حجم النشاط ارتفع بنسبة 10% فترتب على ذلك زيادة التكاليف بنسبة 4%، وعند انخفاض حجم النشاط بنفس النسبة 10% تناقصت التكاليف ولكن بنسبة 7%.
وفي بيئة الأعمال المصرية أكدت مجموعة من الدراسات على وجود ظاهرة السلوك غير المتماثل للتكلفة، حيث وجدت دراسة (Ezat; 2014) أن تكلفة البضائع المباعة (COGS) تزيد بنسبة 1,1٪ عند زيادة الإيرادات بنسبة 1٪، في حين انخفضت بنسبة 0,95٪ فقط عند انخفاض الايرادات بنسبة 1٪. وقد أكدت هذه النتيجة دراسة (Ibrahim, 2015) حيث وجدت أن التكاليف البيعية والعمومية والإدارية (SG&A) قد زادت بنسبة 0.38٪ ولكنها انخفضت بنسبة 0.08٪، في حين أن تكلفة البضائع المباعة (COGS) زادت بنسبة 1.02٪ ولكنها انخفضت بنسبة 0.57٪ وذلك بالنسبة لكل 1٪ تغيير في الطلب، وأيضا وجدت الدراسة أن تكاليف التشغيل (OC) قد زادت بنسبة 0.91٪، لكنها انخفضت بنسبة 1.03٪ وذلك بالنسبة لكل 1٪ تغيير في الطلب. كما أكدت دراسة (أحمد، 2018) على النتائج السابقة حيث وجدت أن تكلفة البضاعة المباعة (COGS) تزداد بنسبة 0.94% مع زيادة في المبيعات مقدرها 1%، بينما تنخفض بمقدار 0.79% مع انخفاض المبيعات بنفس المقدار، أما التكلفة البيعية والعمومية والإدارية (SG&A) تزداد بنسبة 0.60% مع زيادة في المبيعات مقدرها 1%، بينما تنخفض بمقدار 0.45% مع انخفاض المبيعات بمقدار 1%، وزادت تكاليف التشغيل (OC) بنسبة 0.86% مع زيادة في المبيعات مقدرها 1%، بينما تنخفض بمقدار 0.69% مع انخفاض المبيعات ١%.
1/3/2 مسببات السلوك غير المتماثل للتكلفة:
يعد التحديد الصحيح للتغير في التكلفة عاملاً أساسياً للتقدير والتخصيص الصحيح للتكاليف، وهذا يحتاج إلى وجود معايير للمفاضلة تؤدي إلى قياس التكلفة بشكل أكثر موضوعية، وهو ما يصعب فعله في ظل انتشار السلوك غير المتماثل للتكلفة، لذلك يصبح تحديد مسببات السلوك غير المتماثل للتكلفة أمراً مهماً (Novák & Popesko, 2014). فالسلوك غير المتماثل للتكلفة يعتبر نتيجة أو ظاهرة تحتاج إلى التعرف على مسببات حدوثها حتى نتمكن من التحكم فيها وإدارتها، وطبقاً لقاعدة السبب والأثر، فإنه لا نستطيع التحكم في الأثر أو النتيجة بدون التعرف على السبب مع الدراسة المتأنية له كلما أمكن ذلك.
ووفقاً لدراسة (Anderson et al., 2003) فإن السبب الرئيسي لظهور السلوك غير المتماثل للتكلفة هو القرارات الإدارية المتعلقة بتسوية الموارد استجابة للتغيرات في مستويات الطلب، فعندما ينخفض حجم الطلب يجد المديرون أنفسهم أمام بديلين للمفاضلة بينهما هما: الاحتفاظ بالموارد الزائدة عن الحاجة وتحمل تكاليف التسوية المرتبطة بها (تكاليف الاحتفاظ بالموارد غير المستغلة) أو تخفيض الموارد الزائدة عن الحاجة وتحمل تكاليف التسوية المرتبطة بتقليص الموارد (تكاليف الاستغناء عن الموارد حاليا ثم استعادتها مستقبلا). وإذا اتجه مستوى الطلب إلى الارتفاع وتوقع المديرين استمرار زيادة إيراد المبيعات يدفعهم ذلك إلى استغلال الموارد المتاحة غير المستغلة وربما زيادتها استجابة للارتفاع في مستوى الطلب وبالتبعية زيادة التكلفة، ومن المرجح أن يزيد المديرون من التكاليف البيعية والعمومية والإدارية بسرعة أكبر نظراً لأنها تحتوي على معظم التكاليف العامة والإدارية المتعلقة بإدارة الشركة "مثل رواتب وعمولات مندوبي المبيعات، ورواتب ومكافآت وحوافز موظفي المكاتب الإدارية، ونفقات السفر والتنقلات والترفيه" (Chen et al., 2012)، لأن ذلك يعود عليهم بالنفع وتحقيق المصالح الذاتية، ويتمشى مع النظرة التفاؤلية للمديرين نتيجة توقع ارتفاع مستويات الطلب المستقبلية.
وعلى ذلك فإن القرار الإداري الخاص بتسوية الموارد يتأثر بمجموعة من العوامل أهمها:
ـ تكاليف التسوية:
أكدت العديد من الدراسات أن افتراض العلاقة الخطية بين التكاليف وحجم النشاط قد تم التخلص منه نسبياً في الواقع العملي وفي معظم بيئات الأعمال على مستوى العالم، كما أن افتراض ثبات المدى الملائم في الأجل القصير أصبح محل شك بسبب ما تتسم به بيئة الاعمال الحالية بالديناميكية والقابلية للتغير المستمر وفقاً لتغير الظروف المحيطة بها، فإذا كانت التكاليف الثابتة الملزمة يصعب (ولكن لا يستحيل) تسويتها في الأجل القصير مع التغير في الطلب، فإن التكاليف الثابتة الاختيارية يمكن تقليصها بأقل مستوى من التأثير على الأهداف طويلة الأجل للشركة (البراشي، 2019؛Cooper & Kaplan, 1988)، ويتضح من ذلك أنه يصعب استجابة التكاليف الثابتة الملزمة بشكل تناسبي مع التغير في الطلب في الأجل القصير، مع امكانية استجابة التكاليف الثابتة الاختيارية بشكل تناسبي مع التغير في الطلب نظراً لسهولة تسويتها، مما يدفع المديرين لاتخاذ قرار بالتسوية والخروج عن افتراض ثبات المدى الملائم وافتراض العلاقة الخطية (Anderson et al., 2003). وبالتالي يُمكن القول إنه كلما زادت التكاليف الثابتة الاختيارية مقارنة بالملزمة زاد احتمال وجود السلوك غير المتماثل للتكلفة، ومن أجل ذلك فإن الدراسات الأولى التي أكدت وجود السلوك غير المتماثل للتكلفة كانت تركز على التكاليف البيعية والعمومية والإدارية لاحتوائها على بنود كثيرة من التكاليف الثابتة الاختيارية.
ويمكن تعريف تكاليف التسوية بأنها التكاليف الناتجة عن إجراء أي تغييرات في الموارد (سواء الأصول أو العمالة)عند زيادة أو انخفاض الطلب، فعند انخفاض الطلب تتمثل تكاليف التسوية في التكاليف التي تتكبدها المنشأة نظير الاحتفاظ بالموارد غير المستغلة، أو تكلفة الاستغناء عن الموارد حالياً ثم استعادتها مستقبلاً (Anderson et al., 2003; Anderson et al., 2007; Anderson & lanen, 2009; Banker & Byzalov, 2014; Ibrahim & Ezat, 2017;؛ مؤمن، 2017؛ الصغير، 2019؛ عبد الفتاح، 2020)، وعند ارتفاع الطلب تتمثل تكاليف التسوية في تكاليف زيادة الموارد (سواء الأصول أو العمالة) وتكاليف استبدال الموارد التي تم الاستغناء عنها سابقا والتكاليف الاختيارية التي من المرجح أن تزيدها الإدارة نتيجة ارتفاع الطلب.
وتشتمل تكاليف التسوية على تكاليف نقدية مثل مكافآت نهاية الخدمة وتعويضات الموظفين المفصولين، وتكاليف البحث والتدريب عند تعيين موظفين جدد في حالة استعادة الطلب، والشروط الجزائية نتيجة مخالفة العقود، بالإضافة إلى تكاليف التخلص من المعدات الحالية وتكاليف تركيب المعدات الجديدة، كما تتضمن تكاليف التسوية تكاليف تنظيمية غير نقدية مثل فقدان الروح المعنوية بين الموظفين المستمرين في العمل نتيجة فصل زملائهم، وتآكل رأس المال البشري عند الاستغناء عن الكفاءات، وتكاليف فقدان السمعة (سعيد، 2017).
وكلما انخفضت تكاليف التسوية المتوقعة مقارنة بتكاليف الاحتفاظ بالموارد الزائدة عن الحاجة، كلما تخلص المديرون من الموارد غير المستغلة، وقد تؤدي زيادة احتمال استمرار التراجع في حجم الطلب إلى تحفيز المديرين على تقليص الموارد، مما يؤدي إلى تقليل درجة لزوجة التكلفة، وعندما تكون تكاليف التسوية مرتفعة، يجب على المديرين أن يقرروا ما إذا كانوا سيحتفظون بالموارد في ظل انخفاض الطلب أم لا. فإذا كان المديرون متفائلين بأن الانخفاض في الطلب مؤقت، فإنهم يفضلون تحمل تكاليف الاحتفاظ بالموارد غير المستغلة خلال الفترة المتوقعة للطلب المنخفض (Anderson et al., 2003).
وجديرٌ بالذكر أن قرار تسوية الموارد يرتبط بشكل أساسي بالتعديلات التي يتم إجراؤها على الأصول والعمالة نتيجة للتغيرات في ظروف وحجم الطلب، وبالتالي يمكن القول إن كثافة الأصول وكثافة العمل بالشركة من المتغيرات الأساسية التي تؤثر على تكاليف التسوية وعلى السلوك غير المتماثل للتكلفة (البراشي، 2019). ففي معظم الأحيان نجد الشركات ذات كثافة الأصول المرتفعة تتعرض لارتفاع في تكلفة تسوية الموارد وزيادة السلوك غير المتماثل للتكلفة، مقارنةً بالشركات ذات كثافة العمالة المرتفعة (Magheed, 2016).
بالنسبة لكثافة الأصول، فإن تكاليف التسوية تعتمد على هيكل تلك الأصول، فالشركات التي تعتمد أكثر على الأصول التشغيلية والإنتاجية ترتفع فيها تكاليف التسوية، لأنه بانخفاض الطلب تصبح تكلفة الاحتفاظ بالأصول التشغيلية مكلفة، وإذا قررت الشركة الاستغناء عن هذه الأصول فيجب عليها أن تتحمل الكثير من الخسائر بما فيها الخسائر المتعلقة بالاستثمارات المبدئية لهذه الأصول مثل تكاليف البنية الأساسية والاعداد والتجهيز، وبالتالي فتكاليف التسوية ترتفع في المنشآت التي تعتمد أكثر على الأصول التشغيلية (Bugeja et al., 2015).
أما بالنسبة لكثافة العمل، فبالرغم من أن تسوية الموارد المرتبطة بالعمالة تكون أيسر من تسوية الموارد المرتبطة بالأصول، إلا أن تكلفة الاستغناء عن العمالة لن تكون منخفضة في كثير من الأحيان. حيث إن تكلفة الاستغناء عن العمالة ستكون مرتفعة عند انخفاض الطلب لما يرتبط بها من تكاليف تتعلق بمكافآت نهاية الخدمة وخسارة الاستثمارات في الموارد البشرية المختلفة مثل تكاليف الاختيار والتدريب والتعيين (Bugeja et al., 2015)، بالإضافة إلى الخسائر الناتجة عن احتمالية فقد العمالة الماهرة. وغالبًا ما تؤدي التعاقدات الثابتة للعمالة إلى التقليل من قدرة المنشأة على التخلص من هذه العمالة. ومن ثَمّ، تؤدي كثافة العمل إلى ارتفاع تكلفة التسوية وزيادة السلوك غير المتماثل للتكلفة، كما قد يؤدي وجود التشريعات الصارمة التي تتعلق بالعمالة والقوانين الاجتماعية إلى صعوبة الاستغناء عن العاملين في الفترات التي ينخفض فيها الطلب؛ بالإضافة إلى المتطلبات القانونية التي تتعلق بالعقود طويلة الأجل مع العاملين والتي تفرض عقوبات معينة على الشركة في حالة فسخ التعاقد، وبالتالي يظهر السلوك غير المتماثل للتكلفة ((البراشي، 2019). وعند زيادة الطلب أيضا ستحتاج الشركة إلى استعادة أو تعيين عمالة جديدة مما يترتب عليه زيادة تكاليف تسوية الموارد متمثلة في تكاليف الاختيار والتعيين والتدريب، وبالتالي يظهر السلوك غير المتماثل للتكلفة.
وتأسيسًا على ما سبق، فمن المرجح أن يكون إمكانية تسوية الموارد المرتبطة بالأصول مختلفة عن إمكانية تسوية الموارد المرتبطة بالعمالة، كما أن إمكانية تسوية الموارد المرتبطة بالتكاليف الثابتة الملزمة مختلفة عن إمكانية تسوية الموارد المرتبطة بالتكاليف الثابتة الاختيارية، لذلك يرى الباحث أن تأثير التحصين الإداري على القرارات المتعلقة بتسوية الموارد وبالتالي السلوك غير المتماثل للتكلفة، سيختلف باختلاف بنود التكاليف، بمعنى أن التكاليف البيعية والعمومية والإدارية والتي تعتمد أكثر على العمالة وتتضمن تكاليف اختيارية أكثر، ستتأثر بشكل مختلف عن تكاليف البضاعة (الإنتاج) المباعة لاعتمادها أكثر على كثافة الأصول واحتوائها على تكاليف ملزمة أكثر.
ـ مشاكل الوكالة وتضارب المصالح بين الإدارة وأصحاب المصالح:
مادامت القرارات الإدارية المتعلقة بتسوية الموارد هي المحرك الأساسي للسلوك غير المتماثل للتكلفة، وبالطبع، هذه القرارات مثل أي قرارات إدارية تخضع لمشاكل الوكالة وتضارب المصالح بين الإدارة والأطراف الأخرى من أصحاب المصالح، فعند انخفاض الطلب قد يلجأ المديرون إلى الاحتفاظ بالموارد غير المستغلة بسبب الاعتبارات والاهتمامات الشخصية للمديرين، والسعي نحو تعظيم المنفعة الشخصية على حساب الأطراف ذوي المصلحة، وربما يحتفظ المديرون بالموارد غير المستغلة لتجنب النتائج المترتبة على انكماش النشاط مثل خسارة السمعة الحالية للشركة أو فقد جزء من مكافآتهم عند تأثر الأرباح أو تدني الروح المعنوية للموظفين الحاليين عند شعورهم بإمكانية فصلهم، وبالتالي ظهور السلوك غير المتماثل للتكلفة (Anderson et al., 2003).
كما قد ترتبط القرارات الإدارية لتسوية الموارد بميول المديرين لتنمية الشركة بما يتجاوز حجمها الأمثل أو للحفاظ على الموارد غير المستغلة، بغرض زيادة المنفعة الشخصية من الوضع والسلطة والمكافآت والحوافز، فمن المرجح أن يتجه المديرون نحو تحقيق مصالحهم الشخصية وبناء الإمبراطورية الإدارية ودعم التحصين الإداري من خلال زيادة التكاليف البيعية والعمومية والإدارية SG&A بسرعة كبيرة عند ارتفاع حجم المبيعات (على سبيل المثال، إضافة رواتب ومكافآت وحوافز لموظفي المكاتب الإدارية، وتعيين موظفين جدد قد لا تكون الشركة في حاجة إليهم في الوقت الراهن، وزيادة النفقات المكتبية ونفقات السفر والتنقلات والترفيه وغيره)، وعلى النقيض من ذلك، يتم تخفيض التكاليف البيعية والعمومية والإدارية SG&A ببطء شديد عندما تنخفض المبيعات، وبالطبع هذا سيؤدي إلى عدم تماثل سلوك التكاليف (Chen et al., 2012).
وجدير بالذكر أن بناء آليات قوية للرقابة والحوكمة يساعد على تخفيف من مشاكل وصراع الوكالة بين المديرين والمساهمين، مما يجعل اتخاذ قرارات المديرين بتسوية الموارد أكثر عقلانية ورشداً، وهذا يساعد على تقليل السلوك غير المتماثل للتكلفة، لأن التنفيذ الصارم لآليات الرقابة والحوكمة يؤدي إلى إحكام السيطرة على القرارات الادارية المختلفة، وبالتالي ضمان توجه القرارات الإدارية المتعلقة بتسوية الموارد إلى تحقيق المزيد من تقارب المصالح بين المساهمين والإدارة (الصغير، 2019؛ محمد، 2019؛ Ibrahim & Ezat, 2017). كما أن وجود آليات واضحة لمكافآت ونظم الحوافز الإدارية والتحكم في تلك المكافآت والحوافز من خلال ربطها بالتقييم الموضوعي لأداء الإدارة، يمكنها تخفيض مشاكل الوكالة (Florackis & Ozkan, 2009; Kumar & Zattoni, 2016) وبالتالي تحسين القرارات المتعلقة بتسوية الموارد وتقليل السلوك غير المتماثل للتكلفة.
ـ اتجاه التغير في حجم الطلب في الفترة السابقة والحالية، والتوقعات الإدارية المتعلقة بحجم الطلب المستقبلي:
يتأثر قرار تسوية الموارد بشكل كبير بالنظرة التفاؤلية والنظرة التشاؤمية للإدارة فيما يتعلق بالتوقعات الإدارية بحجم الطلب المستقبلي، حيث تؤدي التوقعات المتفائلة إلى الاحتفاظ بالموارد غير المستغلة على افتراض أن الانخفاض الحالي في المبيعات هو انخفاض مؤقت، وعلى العكس من ذلك إذا كانت نظرة الإدارة تشاؤمية، فإنها ستسعى نحو التخلص من الموارد الزائدة بشكل أسرع (الصغير، 2019؛ Li & Luo, 2021).
2ـ الدراسات السابقة واشتقاق الفروض:
2/1 الدراسات السابقة:
تعتبر دراسة (Noreen & Soderstrom, 1994) من أول الدراسات التي قدمت تبريراً نظرياً لفكرة السلوك غير المتماثل للتكاليف الإضافية، وفي هذه الآونة تناولت دراسة (لطفي، 1994) استخدام مفهوم التصاق التكلفة في ترشيد قرارات تسعير المنتجات في الأجل الطويل، وهي أول دراسة عربية في هذا المجال، ثم قدم كلٌ من Noreen & Soderstrom (1997) دليلا من أقسام الخدمة بالمستشفيات يبرهن على عدم دقة نماذج التكلفة النسبية، ويؤكد على فكرة السلوك غير المتماثل للتكلفة في هذا القطاع، ولم تتطرق هذه الدراسات لتوفير نماذج تطبيقية للتدليل على عدم تماثل سلوك التكلفة.
وظل الوضع ما هو عليه حتى تمكنت دراسة (Anderson, Banker & Janakiraman, 2003) من توفير نموذج تطبيقي يُمَكِّن من قياس السلوك غير المتماثل للتكلفة، واشتهر هذا النموذج باسم ABJ 2003، ويقوم هذا النموذج باختبار العلاقة بين سلوك التكاليف البيعية والعمومية والإدارية SG&A وبين التغيرات في إيرادات المبيعات، وقد قام بتطبيق النموذج على عينة مكونة من 7629 شركة على مدى 20 عاماً، ووجدت الدراسة أن التكلفة البيعية والعمومية والإدارية (SG&A) تزيد في المتوسط بنسبة 0.55٪ لكل زيادة في المبيعات بنسبة 1٪ ولكنها تنخفض بنسبة 0.35٪ فقط لكل انخفاض بنسبة 1٪ في المبيعات. وقد أطلق Anderson et al., (2003) على هذه الظاهرة اسم التكلفة اللزجة أو الملتصقة (Sticky cost)، وتوالت الدراسات بعد هذه الدراسة لاختبار مدى وجود السلوك غير المتماثل للتكلفة من عدمه في بيئات الأعمال في الدول المختلفة، ويعتبر نموذج (ABJ 2003) هو النموذج الأساسي الذي اعتمدت عليه معظم هذه الدراسات، وتوصلت جميعها الى نتيجة واحدة وهو تأكيد السلوك غير المتماثل للتكلفة في بيئات الأعمال المختلفة، وكان الاختلاف بين هذه الدراسات فقط في نسبة عدم تماثل التكلفة مع التغير في المبيعات (He et al., 2010; Cannon, 2011; Banker & Byzalov, 2014; Balakrishnan et al., 2014; Bugeja et al., 2015; Subramaniam & Watson, 2016; Xu & Sim, 2017; Özkaya, 2021). وقد حاولت بعض الدراسات تطوير نموذج قياس السلوك غير المتماثل للتكلفة ABJ الذي قدمه (Anderson et al., 2003)، لتجنب بعض صعوبات التطبيق (Homburg & Nasev, 2008; Weiss, 2010)، ولكن ظل هذا النموذج ABJ هو النموذج الأساسي المستخدم في معظم الدراسات.
وقد تم اختبار السلوك غير المتماثل للتكلفة في بيئة الأعمال المصرية في الكثير من الأبحاث، واتفقت جميعها على وجود هذه الظاهرة في مصر بالنسبة للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية، وتوصل معظمها إلى وجودها أيضا بالنسبة لتكلفة البضاعة المباعة وتكاليف التشغيل، وكان هناك الاختلاف بين الدراسات في نسبة عدم تماثل التكلفة بسبب اختلاف عينة الدراسة من بحث لآخر (مندور، 2017؛ أحمد، 2018؛ قحطان، 2019 Ezat, 2014; Ibrahim & Ezat, 2017;).
كما اتجهت العديد من دراسات لاختبار تأثير المتغيرات المختلفة على السلوك غير المتماثل للتكلفة أو لاختبار تأثير السلوك غير المتماثل للتكلفة على بعض المتغيرات، حيث اتجهت دراسات لاختبار العلاقة بين السلوك غير المتماثل للتكلفة والأداء المالي أو الربحية والتنبؤ بالأرباح وإدارة الأرباح (Kama and Weiss 2013; Warganegara and Tamara, 2014; Huong, 2018; Kontesa & Brahmana, 2018; Abdullah, 2021; Abdel Megeid & El-Deeb, 2021) ؛ جاب الله، 2019؛ الصغير، 2019؛ أحمد، 2019؛ حجازي، 2020)، كما اتجهت دراسات أخرى إلى دراسة العلافة بينه وبين التحفظ المحاسبي وقيمة الشركة ودقة تنبؤات المحللين الماليين والتجنب الضريبي وحوكمة الشركات وغيره من المتغيرات (Weiss, 2010; Baumgarten, 2012; Li & Luo, 2021) (سعيد، 2017؛ البراشي، 2019؛ محمـد & بغدادي، 2019؛ الزكي، 2019؛ عبد الفتاح، 2020؛ عرفات، 2020؛ محمود، 2021).
كما اتجهت دراسات أخرى إلى محاولة التعرف على المسببات التي ينتج عنها السلوك غير المتماثل للتكلفة، وكانت دراسة Anderson et al. (2003) هي أيضاً أول دراسة سعت إلى هذا الهدف، حيث أشارت الدراسة إلى أن السبب الرئيسي للسلوك غير المتماثل للتكلفة هي القرارات الإدارية ـ المتأثرة بمشاكل الوكالة ـ الخاصة بتسوية الموارد الخاصة بالأصول والعمالة، ثم قامت باختبار مدى تأثير كثافة الأصول وكثافة العمالة على السلوك غير المتماثل للتكلفة؛ ثم اتجهت بعدها العديد من الأبحاث إلى إضافة مسببات جديدة من خلال البحث عن مسبب مختلف للسلوك غير المتماثل للتكلفة، مع محاولة قياس أثر هذا المسبب من أجل تطوير النموذج وزيادة القوة التفسيرية له (Chen et al., 2012; Kama & Weiss, 2013; Banker & Byzalov, 2014; Balakrishnan et al., 2014; Ibrahim, 2018;). وتندرج الدراسة الحالية تحت هذه المجموعة من الدراسات، حيث تبحث في مدى تأثير آليات التحصين الإداري على السلوك غير المتماثل للتكلفة.
وهناك عدد من الدراسات تناولت العلاقة بين السلوك غير المتماثل للتكلفة وأحد أو بعض آليات التحصين الإداري في إطار نظرية الوكالة، فقد استهدفت دراسة (Florackis & Ozkan, 2009) اختبار العلاقة بين التحصين الإداري وتكاليف الوكالة لعينة كبيرة من الشركات البريطانية خلال الفترة 1999- 2005، وقد استخدمت الدراسة ثلاث مؤشرات لقياس التحصين الإداري هي هيكل الملكية واستقلال مجلس الإدارة والحوافر الإدارية، وتوصلت الدراسة إلى أن هناك علاقة سلبية قوية بين التحصين الإداري والمؤشر العكسي لتكاليف الوكالة وهو نسبة دوران الأصول، ومعنى ذلك أن هناك علاقة إيجابية بين التحصين الإداري وتكاليف الوكالة، وأن تكاليف الوكالة مستمرة بمرور الوقت.
أما دراسة (Chen et al., 2012) فقد استهدفت اختبار العلاقة بين مشكلة الوكالة وحوكمة الشركات والسلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية، وذلك بالتطبيق على الشركات الأمريكية المدرجة في مؤشر S&P 1500 خلال الفترة 1996-2005، وقد توصلت الدراسة إلى أن هناك دليلاً قوياً على أن عدم تماثل التكلفة يرتبط بشكل إيجابي بآليات بناء إمبراطورية المديرين (التحصين الإداري) بسبب مشكلة الوكالة، والتي تم قياسها بواسطة التدفق النقدي الحر، ونفوذ الرئيس التنفيذي، وفترة بقاؤه في منصبه، وهيكل التعويضات للإدارة التنفيذية. وعلاوة على ذلك، وجدت الدراسة أن هناك ارتباط إيجابي بين مشكلة الوكالة وعدم تماثل تكلفة SG&A ويكون هذا أكثر وضوحاً في ظل حوكمة الشركات الضعيفة، مما يشير إلى أن آليات حوكمة الشركات تلعب دوراً مهماً في التخفيف من تأثير مشكلة الوكالة على القرارات الإدارية المتعلقة بتسوية الموارد.
وسعت دراسة (Kama & Weiss, 2013) إلى استكشاف الدوافع الكامنة وراء قرارات تسوية الموارد من خلال اختبار تأثير مستهدفات العوائد والحوافز الإدارية على درجة لزوجة التكاليف، وتوصلت الدراسة إلى أنه عندما ترتبط حوافز المديرين بتجنب الخسائر أو تحقيق أرباح مستهدفة لتلبية توقعات المحللين الماليين، فإنهم يتجهوا إلى التعديل التنازلي للموارد في حالة انخفاض المبيعات، أي يتجهون إلى التخلص من الموارد غير المستغلة، وبالتالي تقلل هذه القرارات المتعمدة من درجة لزوجة التكلفة. وهذه النتيجة تكون غير مؤكدة عندما تكون الحوافز الإدارية في شكل أسهم عينية، حيث سيتمهل المديرين في اتخاذهم قرار تسوية الموارد في هذه الحالة. كما تشير النتائج إلى أنه ينبغي بذل الجهود لفهم محددات هياكل تكلفة الشركات في ضوء دوافع المديرين، ولا سيما الحوافز الإدارية والتي تمثل أحد محركات الوكالة الكامنة وراء قرارات تسوية الموارد.
أما دراسة (Magheed, 2016) فقد استهدفت التعرف على تأثير خصائص الشركة على درجة لزوجة التكلفة البيعية والعمومية والإدارية وتكلفة البضائع المباعة، وتمثلت عينة الدراسة في الشركات الصناعية الأردنية المدرجة في بورصة عمان خلال الفترة 2000 – 2013. وتوصلت الدراسة إلى أن هناك فرق في درجة لزوجة التكلفة بين النوعين من التكلفة المستخدمة في الدراسة، حيث إن تكلفة البضائع المباعة أقل لزوجة من التكلفة البيعية والعمومية والإدارية، كما أن هناك تأثيرات مختلفة لخصائص الشركة (كثافة الأصول، كثافة العمالة، كثافة الديون، ونسبة الأصول الثابتة) على درجة لزوجة التكلفة، حيث لا يوجود تأثير معنوي لكثافة الأصول، كثافة العمالة على درجة لزوجة التكلفة.
وفي هذا السياق، هناك عدد من الدراسات في بيئة الأعمال المصرية، منها دراسة (Ezat, 2014) حيث استهدفت اختبار أثر حوكمة الشركات وهيكل الملكية على درجة لزوجة التكلفة، وتمثلت عينة الدراسة في 85 شركة مدرجة في البورصة المصرية خلال الفترة 2009 ـ 2013، وتوصلت إلى أن قلة عدد أعضاء مجلس الادارة وعدم ازدواجية دور الرئيس التنفيذي تؤدي الى تخفيض درجة لزوجة تكلفة البضاعة المباعة، كما أن الملكية الادارية والمؤسسية والحكومية تخفض من درجة لزوجة التكلفة البيعية والعمومية والإدارية، وأن استقلال مجلس الإدارة يزيد من درجة لزوجة التكلفة في البيئة المصرية، كما أنه بعد تطبيق الدليل المصري لحوكمة الشركات تأثرت درجة لزوجة التكلفة.
كما اهتمت دراسة (Ibrahim, 2018) بفحص تأثير خصائص مجلس الإدارة على السلوك غير المتماثل لتكلفة البضاعة المباعة، وذلك بالتطبيق على عينة من 80 شركة مدرجة بالبورصة المصرية خلال الفترة 2008 ـ 2013، ووجد التحليل دليلا على عدم تماثل تكلفة البضاعة المباعة في البيئة المصرية، وتوصلت الدراسة إلى أن الشركات ذات حجم مجالس الإدارة الأكبر عددا، والتي بها ازدواجية دور الرئيس التنفيذي، والتي يكون نسبة غير التنفيذيين في مجلس الإدارة أكبر تُظهر تباينًا أكبر في التكلفة مقارنة بالآخرين، في حين أن الشركات التي شهدت انخفاضاً في المبيعات لفترات متتالية، ونموا اقتصاديًا أعلى، وملكية مؤسسية أكبر تُظهر تكلفة أقل لزوجة.
وركزت دراسة (محمـد & بغدادي، 2019) على اختبار أثر حوكمة الشركات على العلاقة بين الثقة الإدارية المفرطة والسلوك غير المتماثل للتكلفة، وتم التطبيق على عينة من الشركات غير المالية المدرجة بالبورصة المصرية للفترة من 2010 حتي 2018، وتوصلت النتائج إلى وجود علاقة معنوية موجبة بين الثقة الإدارية المفرطة والسلوك غير المتماثل للتكاليف في الشركات ذات الحوكمة الضعيفة؛ وإلى عدم وجود علاقة بين الثقة الإدارية المفرطة والسلوك غير المتماثل للتكاليف في الشركات ذات الحوكمة القوية.
واستهدفت دراسة (عرفات، 2020) اختبار أثر كل من حجم مجلس الإدارة، ومستوى استقلالية مجلس الإدارة، وعدد اجتماعات مجلس الإدارة، وحجم لجنة المراجعة، ومستوى استقلالية لجنة المراجعة، وعدد اجتماعات لجنة المراجعة، ومستوى التخصص القطاعي لمراقب الحسابات، ونسبة الملكية المؤسسية، ونسبة الملكية الإدارية، على سلوك إجمالي كلٍ من تكلفة المبيعات والتكاليف البيعية والعمومية والإدارية. وبالاعتماد على بيانات عينة من الشركات المقيدة بالبورصة المصرية خلال الفترة من 2014 إلى 2018، وأثبتت النتائج أن إجمالي كلٍ من تكلفة المبيعات والتكاليف البيعية والعمومية والإدارية (المتغير التابع) تتبع السلوك اللزج للتكاليف، وأن المتغيرات المستقلة مجتمعة كوحدة واحدة (متغيرات آليات حوكمة الشركات وهيكل الملكية) تدفع هذا السلوك نحو السلوك المتماثل للتكاليف. كما أثبتت النتائج الإحصائية أن المتغيرات المستقلة الفردية ذات التأثير المعنوي على سلوك التكاليف هي فقط حجم مجلس الإدارة، وعدد اجتماعات لجنة المراجعة.
وفي الآونة الأخيرة، دخل موضوع التحصين الإداري كأحد المتغيرات المؤثرة على الممارسات المحاسبية، فقد تم دراسة العلاقة بينه وبين عدد من الموضوعات المحاسبية، حيث ركزت دراسة (Shuto & Takada, 2010) على دراسة التحصين الإداري كمتغير مُعَدِّل للعلاقة بين الملكية الإدارية والتحفظ المحاسبي. كما تناولت دراسة (García‐Sánchez et al., 2020) العلاقة بين التحصين الإداري والمسئولية الاجتماعية وإدارة الأرباح. أما دراسة (Bangmek, 2020) فقد استهدفت اختبار العلاقة بينه وبين التحفظ المحاسبي في الشركات العائلية. وتناولت دراسة (عفيفي، 2017) أثر التحصين الإداري وإدارة الأرباح على مكافأة مجلس الإدارة. واستهدفت دراسة (محمد، 2020) اختبار تأثير العلاقة بين آليات التحصين الإداري والتحفظ المحاسبي على الأداء المالي للشركة. في حين أن دراسة (عبد المنعم، 2021) ركزت على العلاقة بين التحصين الإداري وجودة الأرباح.
2/2 التعليق على الدراسات السابقة:
في ضوء تحليل الدراسات السابقة، يمكن التعقيب عليها كما يلي:
- معظم الدراسات قدمت أدلة على وجود السلوك غير المتماثل للتكلفة في ظل اختلاف الدول محل التطبيق، ولكن بنسب مختلفة. وقد أكدت معظم الدراسات على وجود السلوك غير المتماثل للتكلفة بالنسبة للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية (SG&A)، واختلفت الدراسات بالنسبة لتكاليف البضاعة المباعة (COGS).
ـ قدمت أغلب الدراسات أدلة على وجود العديد من المسببات التي يترتب عليها السلوك غير المتماثل للتكلفة، إلا أنه تختلف درجة تأثير كل مسبب عن الآخر، كما تم دراسة بعض المسببات وتبين أن تأثيرها غير معنوي.
ـ لاحظ الباحث وجود تضارب في تحليل وتفسير نتائج تشغيل النماذج الخاصة بعلاقة المسببات مع السلوك غير المتماثل للتكلفة، وهذا التضارب ناتج عن مجموعة من الأسباب سيوضحها الباحث في القسم (3/4/2) الخاص بتحليل نتائج نماذج الانحدار المستخدمة في اختبارات فروض الدراسة بالدراسة التطبيقية.
ـ أكد عدد من الدراسات على أن قرارات المديرين هي المسبب الرئيسي للسلوك غير المتماثل للتكلفة، وذلك عن المفاضلة التي يقوم بها المديرون بين تكلفة الاحتفاظ بالموارد والتكاليف المتوقعة لتسوية الموارد. لذلك سعت دراسات كثيرة إلى اختبار أثر نظرية الوكالة وحوكمة الشركات وخصائص مجلس الإدارة على السلوك غير المتماثل للتكلفة.
ـ نالت العلاقة بين التحصين الإداري وبعض الموضوعات المحاسبية اهتمام عدد كبير من الدراسات في الآونة الأخيرة.
ـ نالت العلاقة بين أحد أو بعض آليات التحصين الإداري والسلوك غير المتماثل للتكلفة اهتمام عدد من الدراسات، وبصفة خاصة الدراسات التي تناولت العلاقة بين السلوك غير المتماثل للتكلفة وهيكل الملكية أو خصائص مجلس الإدارة أو نظرية الوكالة، ولكن لم تركز دراسة على جميع الآليات مجتمعة. حيث يعتبر التحصين الإداري أحد أهم العوامل المؤثرة في قرارات المديرين المتعلقة بتسوية الموارد.
ـ في حدود علم الباحث، لا توجد دراسة سابقة تناولت بشكل مباشر اختبار العلاقة بين التحصين الإداري والسلوك غير المتماثل للتكلفة في بيئة الأعمال المصرية. وبالتالي تتمثل المساهمة العلمية للدراسة الحالية في فحص أثر التحصين الإداري على السلوك غير المتماثل للتكلفة في بيئة الأعمال المصرية، وهو ما يُمثل فجوة بحثية، تسعى الدراسة الحالية لتضييقها.
2/3 اشتقاق الفروض:
من أجل تحقيق أهداف الدراسة، وفي ضوء استعراض الدراسات السابقة وتحليل نتائجها، يمكن صياغة فروض الدراسة في ثلاثة فروض أساسية، بحيث يختبر الفرض الأول العلاقة الأساسية بين سلوك التكلفة والتغير في إيراد المبيعات، وذلك بهدف الإجابة على تساؤل، هل تسلك التكاليف سلوكاً غير متماثلاً مع التغير في إيراد المبيعات صعوداً وهبوطاً أم لا؟، أما الفرض الثاني فيختبر العلاقة بين آليات التحصين الإداري والسلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية، كما يختبر الفرض الثالث العلاقة بين آليات التحصين الإداري والسلوك غير المتماثل لتكاليف البضاعة المباعة، ويمكن صياغة هذه الفروض كما يلي:
الفرض الأول (ف1):يُوجد اختلاف ذو دلالة إحصائية في سلوك التكاليف مع التغير في إيراد المبيعات (صعوداً وهبوطاً) في بيئة الأعمال المصرية.
وينقسم هذا الفرض إلى الفرضين الفرعيين التاليين:
(ف1/1): يُوجد اختلاف ذو دلالة إحصائية في سلوك التكاليف البيعية والعمومية والإدارية مع التغير في إيراد المبيعات (صعوداً وهبوطاً).
(ف1/2): يُوجد اختلاف ذو دلالة إحصائية في سلوك تكاليف البضاعة المباعة مع التغير في إيراد المبيعات (صعوداً وهبوطاً).
الفرض الثاني (ف2):تُوجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين آليات التحصين الإداري والسلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية في بيئة الأعمال المصرية.
وينقسم هذا الفرض إلى الفروض الفرعية التالية:
(ف2/1): تُوجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين ازدواجية دور الرئيس التنفيذي والسلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية.
(ف2/2): تُوجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين فترة بقاء الرئيس التنفيذي في منصبه والسلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية.
(ف2/3): تُوجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين الملكية الإدارية والسلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية.
(ف2/4): تُوجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين استقلال مجلس الإدارة والسلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية.
الفرض الثالث (ف3):تُوجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين آليات التحصين الإداري والسلوك غير المتماثل لتكاليف البضاعة المباعة في بيئة الأعمال المصرية.
وينقسم هذا الفرض إلى الفروض الفرعية التالية:
(ف3/1): تُوجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين ازدواجية دور الرئيس التنفيذي والسلوك غير المتماثل لتكاليف البضاعة المباعة.
(ف3/2): تُوجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين فترة بقاء الرئيس التنفيذي في منصبه والسلوك غير المتماثل لتكاليف البضاعة المباعة.
(ف3/3): تُوجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين الملكية الإدارية والسلوك غير المتماثل لتكاليف البضاعة المباعة.
(ف3/4): تُوجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين استقلال مجلس الإدارة والسلوك غير المتماثل لتكاليف البضاعة المباعة.
3ـ الدراسة التطبيقية:
3/1عينة الدراسة ومصادر الحصول على البيانات:
يتمثل مجتمع الدراسة في الشركات الصناعية المقيدة بالبورصة المصرية للفترة الزمنية من عام 2014 وحتى عام 2017، وقد تم استبعاد الشركات التجارية والخدمية والشركات التي تنتمي إلى القطاعات المالية كالبنوك وشركات التأمين وشركات الوساطة المالية وشركات الخدمات المالية والمصرفية، نظرا لاختلاف متطلبات وخصائص هذا القطاع. ويتمثّل حجم عينة الدراسة في 55 شركة صناعية خلال فترة الدراسة بعدد مشاهدات (220) مشاهدة.
وقد تم تجميع البيانات اللازمة من التقارير المالية للشركات بالموقع الالكتروني للبورصة المصرية (https://www.egx.com.eg/ar/homepage.aspx)، وأيضاً موقع معلومات مباشر مصر (www.mubasher.info)، بالإضافة إلى المواقع الإلكترونية للشركات المقيدة في البورصة المصرية. ويوضح الجدول رقم (3-1) بيان بالقطاعات التي تنتمي إليها شركات العينة.
جدول رقم (3-1)
بيان بالقطاعات التي تنتمي إليها شركات العينة
م |
القطاع |
حجم العينة |
1 |
الموارد الأساسية |
4 |
2 |
الكيماويات |
5 |
3 |
التشييد ومواد البناء |
12 |
4 |
الرعاية الصحية والأدوية |
6 |
5 |
السلع والخدمات الصناعية وسيارات |
6 |
6 |
المنتجات المنزلية والشخصية |
3 |
7 |
العقارات |
8 |
8 |
الأغذية والمشروبات |
11 |
الإجمالي |
55 |
3/2 وصف متغيرات الدراسة:
3/2/1 المتغيرات المستقلة:
تتمثل المتغيرات المستقلة في آليات التحصين الإداري. ووفقاً لما تم تناوله في الخلفية النظرية، وما جاء في دراسات سابقة (Florackis & Ozkan, 2009; Shuto & Takada, 2010; Kumar & Zattoni, 2016; Limbach et al., 2016; Kaur & Singh, 2018; Solikhah & Jariyah, 2020) (عفيفي، 2017؛ أبو سالم & علوان، 2018؛ عبد الرحيم، 2019؛ محمد، 2020)، فإن أهم آليات التحصين الإداري التي يمكن أن يستخدمها المديرون للحفاظ على سلطتهم أو زيادتها، تتمثل فيما يلي:
1) ازدواجية دور الرئيس التنفيذي(CEO Duality): هي الحالات التي يجمع فيها الرئيس التنفيذي بين منصبي رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي.
2) فترة بقاء الرئيس التنفيذي (CEO Tenure): فكلما طالت فترة بقاء الرئيس التنفيذي في منصبه، يكون لديه الوقت الكافي لبناء إمبراطورية إدارية وتجميع للقوى، ومحاولة السيطرة أكثر على مجلس الإدارة وإضعاف آليات الحوكمة والرقابة الداخلية.
3) الملكية الإدارية "Managerial Ownership" تُعد الملكية الإدارية أحد الوسائل التي يلجأ إليها المديرون لزيادة نفوذهم ولتحصين أنفسهم.
4) استقلال مجلس الإدارة (Board Independence): إن وجود عدد كافي من الأعضاء المستقلين بمجلس الإدارة، يترتب عليه غالبا الحد من ممارسات التحصين الإداري، لذلك فمن الضروري الاهتمام بزيادة عدد الأعضاء المستقلين بمجلس الإدارة لتعزيز الجانب الرقابي على المديرين التنفيذيين.
بناءً على ما سبق، يوضح الجدول (3-2) كيفية قياس المتغيرات المستقلة للدراسة، والمتمثلة في آليات التحصين الإداري.
جدول رقم (3-2)
آليات التحصين الإداري وكيفية قياسها
م |
المتغير |
الرمز |
القياس |
مصدر الحصول على البيانات |
(1) |
ازدواجية دور الرئيس التنفيذي |
CEODUA |
يأخذ القيمة (1) إذا كان الرئيس التنفيذي للشركة -العضو المنتدب- يشغل منصب رئيس مجلس الإدارة، ويأخذ القيمة (0) بخلاف ذلك. |
تقرير مجلس الإدارة |
(2) |
فترة بقاء الرئيس التنفيذي في منصبه |
CEOTEN |
يُقاس بفترة بقاء الرئيس التنفيذي للشركة في منصبه منذ بداية تعيينه وحتى نهاية فترة التطبيق. |
تقرير مجلس الإدارة |
(3) |
الملكية الإدارية |
MO |
يُقاس بنسبة عدد الأسهم المملوكة لأعضاء مجلس الإدارة على عدد الأسهم المصدرة. |
تقرير مجلس الإدارة |
(4) |
استقلال مجلس الإدارة |
BIND |
يُقاس بنسبة عدد الأعضاء غير التنفيذيين بمجلس الإدارة إلى إجمالي عدد أعضاء المجلس. |
تقرير مجلس الإدارة |
3/2/2 المتغيرات التابعة:
تتمثل المتغيرات التابعة في السلوك غير المتماثل للتكلفة، ويتم قياسه في الدراسة الحالية لنوعين من التكاليف هما: السلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية (SG&A)، والسلوك غير المتماثل لتكاليف البضاعة المباعة (COGS). وطبقا لنموذج ABJ، ولقياس هذه المتغيرات نحتاج إلى البيانات التالية:
جدول رقم (3-3)
البيانات المطلوبة لقياس المتغيرات التابعة ومصدر الحصول عليها
م |
المتغير |
الرمز |
مصدر الحصول على البيانات |
(1) |
صافي إيراد مبيعات |
Sales |
قائمة الدخل |
(2) |
التكاليف البيعية والعمومية والإدارية |
SG&A |
قائمة الدخل |
(3) |
تكاليف البضاعة المباعة |
COGS |
قائمة الدخل |
(4) |
متغير وهمي لانخفاض المبيعات |
DecDum |
مستنتج |
ويعتبر نموذج (ABJ) الذي اقترحه Anderson et al. (2003) هو النموذج الأساسي الذي اعتمدت عليه معظم الأبحاث والدراسات التي سعت إلى قياس درجة عدم تماثل التكلفة، ويأخذ هذا النموذج الشكل العام التالي:
Log (Cost,t/Costi,t-1) = B0+B1* Log(Salesi,t/Salesi,t-1) +B2* DecDumt * Log (Salesi,t/Salesi.t-1) + εi,t
حيث إن:
3/3 نماذج اختبار الفروض:
بناءً على الدراسات السابقة (Anderson et al., 2003; Chen, et al., 2012; Kama & Weiss, 2013; Banker & Byzalov, 2014) سيتم عمل التحليل على مرحلتين:
المرحلة الأولى: اختبار العلاقة الأساسية بين سلوك التكلفة والتغير في إيراد المبيعات، وذلك بهدف الإجابة على تساؤل، هل تسلك التكاليف سلوكا غير متماثلا مع التغير في إيراد المبيعات صعوداً وهبوطاً أم لا؟ ويتم استخدام نموذج ABJ 2003 لاختبار هذه العلاقة، وسوف نطلق على النماذج التي تختبر العلاقة الأساسية اسم نماذج العلاقة الأساسية، والتي يعبر عنها الفرض ف1/1، ف1/2.
المرحلة الثانية: اختبار مدى تأثر العلاقة الأساسية بعد إدخال متغيرات آليات التحصين الإداري، وبحيث يتم اختبار تأثير كل آلية من آليات التحصين على حدة، وبشكل مستقل كمتغير مُعَدِّل على هذه العلاقة للتعرف على اتجاه ومعنوية تأثير كل آلية.
ويتم اختبار الفروض عن طريق صياغة نموذج لكل فرض فرعي، على النحو التالي:
(ف1/1): نموذج اختبار العلاقة الأساسية للسلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية.
Log (SG&Ai,t/SG&Ai,t-1) = B0 + B1* Log(Salesi,t/Salesi,t-1) + B2* DecDum* Log (Salesi,t/Salesi.t-1) + ɛ (1)
(ف1/2): نموذج اختبار العلاقة الأساسية للسلوك غير المتماثل لتكاليف البضاعة المباعة.
Log (COGSi,t/COGSi,t-1) = B0 + B1* Log(Salesi,t/Salesi,t-1) +B2* DecDum* Log (Salesi,t/Salesi.t-1) + ɛ (2)
(ف2/1): نموذج اختبار العلاقة بين ازدواجية دور الرئيس التنفيذي والسلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية.
Log (SG&Ai,t/SG&Ai,t-1) = B0 + B1* Log(Salesi,t/Salesi,t-1) +B2* DecDum* Log (Salesi,t/Salesi.t-1) + β3(CEODUA) * DecDum* Log (Salesi,t/Salesi.t-1) + ɛ (3)
(ف2/2): نموذج اختبار العلاقة بين فترة بقاء الرئيس التنفيذي في منصبه والسلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية.
Log (SG&Ai,t/SG&Ai,t-1) = B0 + B1* Log(Salesi,t/Salesi,t-1) +B2* DecDum* Log (Salesi,t/Salesi.t-1) + β3(CEOTEN) * DecDum* Log (Salesi,t/Salesi.t-1) + ɛ (4)
(ف2/3): نموذج اختبار العلاقة بين الملكية الإدارية والسلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية.
Log (SG&Ai,t/SG&Ai,t-1) = B0 + B1* Log(Salesi,t/Salesi,t-1) +B2* DecDum* Log (Salesi,t/Salesi.t-1) + β3(MO) * DecDum* Log (Salesi,t/Salesi.t-1) + ɛ (5)
(ف2/4): نموذج اختبار العلاقة بين استقلال مجلس الإدارة والسلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية.
Log (SG&Ai,t/SG&Ai,t-1) = B0 + B1* Log(Salesi,t/Salesi,t-1) +B2* DecDum* Log (Salesi,t/Salesi.t-1) + β3(BIND) * DecDum* Log (Salesi,t/Salesi.t-1) + ɛ (6)
(ف3/1): نموذج اختبار العلاقة بين ازدواجية دور الرئيس التنفيذي والسلوك غير المتماثل لتكاليف البضاعة المباعة.
Log (COGSi,t/COGSi,t-1) = B0 + B1* Log(Salesi,t/Salesi,t-1) +B2* DecDum* Log (Salesi,t/Salesi.t-1) + β3(CEODUA) * DecDum* Log (Salesi,t/Salesi.t-1) + ɛ (7)
(ف3/2): نموذج اختبار العلاقة بين فترة بقاء الرئيس التنفيذي في منصبه والسلوك غير المتماثل لتكاليف البضاعة المباعة.
Log (COGSi,t/COGSi,t-1) = B0 + B1* Log(Salesi,t/Salesi,t-1) +B2* DecDum* Log (Salesi,t/Salesi.t-1) + β3(CEOTEN) * DecDum* Log (Salesi,t/Salesi.t-1) + ɛ (8)
(ف3/3): نموذج اختبار العلاقة بين الملكية الإدارية والسلوك غير المتماثل لتكاليف البضاعة المباعة.
Log (COGSi,t/COGSi,t-1) = B0 + B1* Log(Salesi,t/Salesi,t-1) +B2* DecDum* Log (Salesi,t/Salesi.t-1) + β3(MO) * DecDum* Log (Salesi,t/Salesi.t-1) + ɛ (9)
(ف3/4): نموذج اختبار العلاقة بين استقلال مجلس الإدارة والسلوك غير المتماثل لتكاليف البضاعة المباعة.
Log (COGSi,t/COGSi,t-1) = B0 + B1* Log(Salesi,t/Salesi,t-1) +B2* DecDum* Log (Salesi,t/Salesi.t-1) + β3(BIND) * DecDum * Log (Salesi,t/Salesi.t-1) + ɛ (10)
3/4 نتائج التحليل الإحصائي:
فيما يلي استعراض للتحليل الإحصائي، والتي تمت باستخدام برنامج (STATA 14 V9).
3/4/1 الإحصاءات الوصفية Descriptive Statistics
يعرض الجدول رقم (3-4) الإحصاءات الوصفية للمتغيرات المستخدمة في قياس المتغيرات الواردة في نماذج اختبار الفروض، واللازمة للتعرف على خصائص تلك المتغيرات وكيفية توزيع قيمها فيما بين المشاهدات المختلفة التي تشملها عينة الدراسة.
جدول رقم (3-4)
الإحصاءات الوصفية
Max. |
Min. |
Std. Dev. |
Mean |
N. |
Variable |
|||
42911.11 |
0.8274 |
4809.95 |
1984.16 |
220 |
Sales Rev. (mil) |
|||
2060.91 |
0.0419 |
260.84 |
130.35 |
220 |
SG&A (mil) |
|||
31866.88 |
0.7289 |
3611.9 |
1503.89 |
220 |
COGS (mil) |
|||
6 |
1 |
1.580 |
2.99 |
220 |
CEOTEN |
|||
0.9 |
0 |
0.0274 |
0.238 |
220 |
MO |
|||
0.933 |
0 |
0.159 |
0.711 |
220 |
BIND |
|||
Dummy variables |
||||||||
70.9% |
156 |
Coded 0 |
DecDum |
|||||
29.1% |
64 |
Coded 1 |
||||||
25.5% |
56 |
Coded 0 |
CEODUA |
|||||
74.5% |
164 |
Coded 1 |
||||||
ومن خلال النتائج الإحصائية السابقة يمكن استخلاص ما يلي:
3/4/2 نتائج تحليل نماذج الانحدار المستخدمة في اختبارات فروض الدراسة:
قبل استعراض وتحليل نتائج تشغيل نماذج اختبار الفروض، يرى الباحث ضرورة توضيح بعض النقاط لإزالة اللبس المرتبط بتحليل نتائج نماذج الانحدار الخاصة بالسلوك غير المتماثل للتكلفة، حيث لاحظ الباحث وجود تضارب في تحليل وتفسير نتائج تشغيل النماذج الخاصة بالسلوك غير المتماثل للتكلفة، وتتمثل أهم هذه النقاط في:
أولا: طبقا لنموذج (ABJ)، تعبر المعاملات (B0؛ B1؛ B2) عما يلي:
ثانيا: الشكل المعتاد لمعادلة الانحدار المتعدد هو:
y = B0 + B1 X1 +B2 X2 + B3 X3 + ….. + Bn Xn
والعلاقة تكون بين المتغير التابع y (يسار المعادلة) والمتغيرات المستقلة Xn (يمين المعادلة)، فإذا كان معامل المتغير المستقل Bn بإشارة موجبة، فهذا يعني أن هناك علاقة ايجابية (طردية) بين هذا المتغير المستقل Xnوالمتغير التابع y، وإذا كان معامل المتغير المستقل Bn بإشارة سالبة، فهذا يعني أن هناك علاقة سلبية (عكسية) بين المتغير المستقل Xnوالمتغير التابع y.
ولكن هذا الوضع ليس كذلك في نموذج الانحدار الخاص بالسلوك غير المتماثل للتكلفة، لأن ما يعبر عن تماثل أو عدم تماثل التكلفة هو المعامل B2 للمتغير المستقل X2 وليس المتغير التابع y، فإذا كان هناك رغبة في اختبار تأثير متغير مستقل جديد (X3 مثلا) على السلوك غير المتماثل للتكلفة فإنه يوضع على يمين المعادلة بمعامل B3 كمتغير مُعَدِل للعلاقة، وهذا المتغير المُعَدِل سيكون عبارة عن متغير تفاعلي بين (أي حاصل ضرب) التغير في إيراد المبيعات بالانخفاض والمتغير الذي يعبر عن آلية التحصين، لذلك فضَّل الباحث اختبار تأثير المتغيرات الخاصة بآليات التحصين كلاً على حدة.
ثالثاً: تفسير معني المعامل B2 في علاقته بسلوك التكلفة:
حتى نتمكن من تحليل نتائج نماذج الانحدار الخاصة بالسلوك غير المتماثل للتكلفة، هناك ضرورة لتفسير معني المعامل B2 في علاقته بسلوك التكلفة، ويعبر الشكل رقم (2) التالي عن تفسير معنى المعامل (B2) في علاقته بسلوك التكلفة:
إشارة موجبة (تكلفة مضادة للزوجة) إشارة سالبة (تكلفة لزجة) = 0 B2 سلوك غير متماثل سلوك متماثل سلوك غير متماثل |
الشكل رقم (2) المعامل B2 وسلوك التكلفة
المصدر: إعداد الباحث
وهذا الشكل يوضح أنه إذا كان المعامل B2 بإشارة سالبة أو موجبة فهذا يعني أن هناك سلوك غير متماثل للتكلفة، وبالتالي تكون العبرة بالقيمة المطلقة للمعامل B2، بمعني أننا نقول ارتفع السلوك غير المتماثل في حالة زيادة القيمة المطلقة لـ B2 عن القيمة المحسوبة في النموذج الأساسي، ونقول انخفض السلوك غير المتماثل في حالة نقص القيمة المطلقة لـ B2 عن القيمة المحسوبة في النموذج الأساسي. أي أن الانخفاض مرتبط باقتراب قيمة B2 من الصفر وبغض النظر عن إشارة المعامل، وأن الارتفاع مرتبط بابتعاد قيمة B2 عن الصفر وبغض النظر عن إشارة المعامل.
وبناء على ما سبق، يتم استعراض تحليل نتائج تشغيل نماذج اختبار الفروض، والتي تمت باستخدام تحليل الانحدار المتعدد ببرنامج (STATA 14 V9).
3/4/2/1 تحليل نتائج تشغيل نماذج انحدار الفرض الأول (ف1):
يتفرع من الفرض الأول فرضين فرعيين، وتتمثل نتائج تشغيل نموذجي اختبار الفرضين (ف1/1)، (ف1/2)، كما في جدول (3- 5) التالي:
جدول رقم (3-5)
نتائج تشغيل نموذجي اختبار الفرضين ف1/1، ف1/2 (النموذج الأساسي)
Model (2) |
Model (1) |
||||
Log(COGSit/COGSit-1) |
Log(SG&Ait/SG&Ait-1) |
||||
p-value |
Coef. |
|
p-value |
Coef. |
|
0.660 |
0.004 |
Constant (B0) |
0.000*** |
0.0276 |
Constant(B0) |
0.000*** |
0.9033 |
Log(Salesit/Salesit-1) (B1) |
0.000*** |
0.4742 |
Log(Salesit/Salesit-1) (B1) |
0.009*** |
-0.1641 |
DecDummy* Log(Salesit/Salesit-1) (B2) |
0.081* |
-0.1795 |
DecDummy* Log(Salesit/Salesit-1) (B2) |
Included |
Industry |
Included |
Industry |
||
Included |
Year |
Included |
Year |
||
220 |
N |
220 |
N |
||
0.000 |
Prob < F |
0.000 |
Prob < F |
||
0.8649 |
R-Squared |
0. 3622 |
R-Squared |
*، **، *** تشير إلى المعنوية الإحصائية للمعلمات عند مستوى 10٪، 5٪، 1٪ على التوالي.
وتشير نتائج تحليل الانحدار (طبقا للنموذج الأساسي) الواردة في الجدول رقم (3-5) إلى:
قيمة معامل التحديد R-Squared تبلغ (0,3622)؛ وهو ما يعني أن المتغيرات المستقلة بالنموذج تفسر 36,22% من التغيرات في المتغير التابع (التغير في التكاليف البيعية والعمومية والإدارية) بشركات العينة.
يشير معامل الانحدار B1 إلى أن التكاليف البيعية والعمومية والإدارية (SG&A) تزيد بنسبة 0.474% مع زيادة المبيعات بمقدار 1%. ويشير المعامل B2 إلى السلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية، وحيث أن إشارة المعامل سالبة فهذا يعني أن هذه التكلفة لزجة بمقدار 0.1795. ويشير مجموع المعامل (B1 + B2) إلى أن التكاليف البيعية والعمومية والإدارية (SG&A) تنخفض بنسبة 0.295% مع انخفاض المبيعات بمقدار 1%. كما تشير قيمة p-value إلى معنوية العلاقة بين المتغيرات المستقلة والمتغير التابع، مع اختلاف مستويات هذه المعنوية. وبالتالي يتم قبول الفرض الفرعي (ف1/1)، وهذا يعني أن التكاليف البيعية والعمومية والإدارية تسلك سلوكا غير متماثلا في علاقتها بالتغير في المبيعات، وتتفق هذه النتيجة مع ما توصلت إليه العديد من الدراسات (مندور، 2017؛ أحمد، 2018؛ قحطان، 2019) (Anderson et al., 2003; Chen et al., 2012; Ezat, 2014; Ibrahim & Ezat, 2017).
قيمة معامل التحديد R-Squared تبلغ (0,8649)؛ وهو ما يعني أن المتغيرات المستقلة بالنموذج تفسر 86,49% من التغيرات في المتغير التابع (التغير في تكاليف البضاعة المباعة) بشركات العينة.
يشير معامل الانحدار B1 إلى أن تكاليف البضاعة المباعة (COGS) تزيد بنسبة 0.9033% مع زيادة المبيعات بمقدار 1%. ويشير المعامل B2 إلى السلوك غير المتماثل لتكاليف البضاعة المباعة، وحيث أن إشارة المعامل سالبة فهذا يعني أن هذه التكلفة لزجة بمقدار 0.1641. ويشير مجموع المعامل (B1 + B2) إلى أن تكاليف البضاعة المباعة (COGS) تنخفض بنسبة 0.7392% مع انخفاض المبيعات بمقدار 1%. كما تشير قيمة p-value إلى معنوية العلاقة بين المتغيرات المستقلة والمتغير التابع. وبالتالي يتم قبول الفرض الفرعي (ف1/2)،وهذا يعني أن تكاليف البضاعة المباعة تسلك سلوكا غير متماثلا في علاقتها بالتغير في المبيعات، وتتفق هذه النتيجة مع ما توصلت إليه العديد من الدراسات في بيئة الأعمال العربية (أحمد، 2018؛ عرفات، 2020 Ezat, 2014; Magheed, 2016; Ibrahim 2018;).
3/4/2/2 تحليل نتائج تشغيل نماذج انحدار الفرض الثاني (ف2):
يتفرع من الفرض الثاني أربعة فروض فرعية، وتتمثل نتائج تشغيل نماذج اختبار الفروض (ف2/1)، (ف2/2)، (ف2/3)، (ف2/4)، كما في جدول (3- 6) التالي:
جدول رقم (3-6)
نتائج تشغيل نماذج اختبار الفروض (ف2/1)، (ف2/2)، (ف2/3)، (ف2/4)
Model (4) |
Model (3) |
||||
Log(SG&Ait/SG&Ait-1) |
Log(SG&Ait/SG&Ait-1) |
||||
p-value |
Coef. |
|
p-value |
Coef. |
|
0.001*** |
0.0257 |
Constant (B0) |
0.000*** |
0.0277 |
Constant(B0) |
0.000*** |
0.4825 |
Log(Salesit/Salesit-1) (B1) |
0.000*** |
0.4734 |
Log(Salesit/Salesit-1) (B1) |
0. 543 |
-0.0911 |
DecDummy* Log(Salesit/Salesit-1) (B2) |
0.062* |
-0.2530 |
DecDummy* Log(Salesit/Salesit-1) (B2) |
0. 417 |
-0.0736 |
CEOTEN*DecDummy* Log(Salesit/Salesit-1) (B3) |
0.043** |
0.1202 |
CEODUA*DecDummy* Log(Salesit/Salesit-1) (B3) |
Included |
Industry |
Included |
Industry |
||
Included |
Year |
Included |
Year |
||
220 |
N |
220 |
N |
||
0.000 |
Prob < F |
0.000 |
Prob < F |
||
0. 3642 |
R-Squared |
0.3643 |
R-Squared |
||
|
|||||
Model (6) |
Model (5) |
||||
Log(SG&Ait/SG&Ait-1) |
Log(SG&Ait/SG&Ait-1) |
||||
p-value |
Coef. |
|
p-value |
Coef. |
|
0.001*** |
0.0273 |
Constant (B0) |
0.001*** |
0.0266 |
Constant(B0) |
0.000*** |
0.4757 |
Log(Salesit/Salesit-1) (B1) |
0.000*** |
0.4788 |
Log(Salesit/Salesit-1) (B1) |
0.557 |
-0.1246 |
DecDummy* Log(Salesit/Salesit-1) (B2) |
0.068* |
-0.1488 |
DecDummy* Log(Salesit/Salesit-1) (B2) |
0.767 |
-0.0790 |
BIND* DecDummy* Log(Salesit/Salesit-1) (B3) |
0.094* |
-0.1366 |
MO* DecDummy* Log(Salesit/Salesit-1) (B3) |
Included |
Industry |
Included |
Industry |
||
Included |
Year |
Included |
Year |
||
220 |
N |
220 |
N |
||
0.000 |
Prob < F |
0.000 |
Prob < F |
||
0. 3625 |
R-Squared |
0.3648 |
R-Squared |
*، **، *** تشير إلى المعنوية الإحصائية للمعلمات عند مستوى 10٪، 5٪، 1٪ على التوالي.
وتشير نتائج تحليل الانحدار الواردة في الجدول رقم (3-6) إلى:
فإنه عند إضافة المتغير المُعَدِل الخاص بازدواجية دور الرئيس التنفيذي لنموذج الانحدار، أصبحت قيمة معامل التحديد R-Squared (0,3643)؛ وهو ما يعني أن المتغيرات المستقلة بالنموذج تفسر 36,43% من التغيرات في المتغير التابع (التغير في التكاليف البيعية والعمومية والإدارية) بشركات العينة، وهذا يعني أن هناك زيادة في معامل التحديد للنموذج من (0,3622) في النموذج الأساسي إلى (0,3643) في النموذج الحالي؛ وبالتالي زيادة القوة التفسيرية للنموذج الحالي في ظل إضافة المتغير الجديد؛ وهو ما يعني وجود تأثير لهذا المتغير.
كما تشير قيمة p-value إلى وجود علاقة معنوية بين ازدواجية دور الرئيس التنفيذي والمتغير التابع، وذلك عند مستوى معنوية أقل من 5%، وبالتالي يتم قبول الفرض الفرعي (ف2/1)، ما يعني وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين ازدواجية دور الرئيس التنفيذي والسلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية، وهذه النتيجة تتفق مع ما توصلت إليه دراسة (Ezat, 2014) في البيئة المصرية.
ويلاحظ أنه قد زادت درجة عدم تماثل التكلفة في الاتجاه السالب (اتجاه التكلفة اللزجة)، حيث انتقلت درجة لزوجة التكلفة من (- 0.1795) في النموذج الأساسي إلى (- 0.2530) في النموذج الحالي، كما أن إشارة المعامل B3 موجبة؛ وبالتالي تشير النتائج السابقة إلى أن زيادة ازدواجية دور الرئيس التنفيذي ينتج عنها زيادة درجة عدم تماثل التكلفة البيعية والعمومية والإدارية في الاتجاه السالب (اتجاه التكلفة اللزجة).
فإنه عند إضافة المتغير المُعَدِل الخاص بفترة بقاء الرئيس التنفيذي في منصبه لنموذج الانحدار، أصبحت قيمة معامل التحديد R-Squared (0,3642)؛ وهو ما يعني أن المتغيرات المستقلة بالنموذج تفسر 36,42% من التغيرات في المتغير التابع بشركات العينة، وهذا يعني أن هناك زيادة في معامل التحديد للنموذج من (0,3622) في النموذج الأساسي إلى (0,3643) في النموذج الحالي؛ وبالتالي زيادة القوة التفسيرية للنموذج الحالي في ظل إضافة المتغير الجديد؛ وهو ما يعني وجود تأثير لهذا المتغير.
وبالرغم من ذلك تشير قيمة p-value إلى عدم معنوية العلاقة بين المتغير المُعَدِل والمتغير التابع. وبالتالي يتم رفض الفرض الفرعي (ف2/2)، وهذا يعني عدم وجود علاقة ذات دلالة احصائية بين فترة بقاء الرئيس التنفيذي في منصبه والسلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية، وتتفق هذه النتيجة مع ما توصلت إليه دراسة (عرفات، 2020) في البيئة المصرية.
فإنه عند إضافة المتغير المُعَدِل الخاص بالملكية الإدارية لنموذج الانحدار، أصبحت قيمة معامل التحديد R-Squared تبلغ (0,3648)؛ وهو ما يعني أن المتغيرات المستقلة بالنموذج تفسر 36,48% من التغيرات في المتغير التابع (التغير في التكاليف البيعية والعمومية والإدارية) بشركات العينة، وهذا يعني أن هناك زيادة في معامل التحديد للنموذج من (0,3622) في النموذج الأساسي إلى (0,3648) في النموذج الحالي؛ وبالتالي زيادة القوة التفسيرية للنموذج الحالي في ظل إضافة المتغير الجديد؛ وهو ما يعني وجود تأثير لهذا المتغير.
كما تشير قيمة p-value إلى وجود علاقة معنوية بين الملكية الإدارية والمتغير التابع، وذلك عند مستوى معنوية أقل من 10%، وبالتالي يتم قبول الفرض الفرعي (ف2/3)، ما يعني وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين الملكية الإدارية والسلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية، وهذه النتيجة تتفق مع ما توصلت إليه دراسة (Ezat, 2014) في البيئة المصرية.
ويلاحظ أنه قد انخفضت درجة عدم تماثل التكلفة في الاتجاه السالب (اتجاه التكلفة اللزجة)، حيث انتقلت درجة لزوجة التكلفة من (- 0.1795) في النموذج الأساسي إلى (- 0.1488) في النموذج الحالي، كما أن إشارة المعامل B3 سالبة؛ وبالتالي يمكن القول إن انخفاض الملكية الإدارية ينتج عنها انخفاض في درجة عدم تماثل التكلفة البيعية والعمومية والإدارية.
فإنه عند إضافة المتغير المُعَدِل الخاص باستقلال مجلس الإدارة لنموذج الانحدار، أصبحت قيمة معامل التحديد R-Squared تبلغ (0,3625)؛ وهو ما يعني أن المتغيرات المستقلة بالنموذج تفسر 36,25% من التغيرات في المتغير التابع بشركات العينة؛ وهذا يعني أن هناك زيادة طفيفة في معامل التحديد للنموذج من (0,3622) في النموذج الأساسي إلى (0,3625) في النموذج الحالي؛ وبالتالي زيادة القوة التفسيرية للنموذج الحالي في ظل إضافة المتغير الجديد؛ وهو ما يعني وجود تأثير ضعيف لهذا المتغير.
وبالرغم من ذلك تشير قيمة p-value إلى عدم معنوية العلاقة بين استقلال مجلس الإدارة والمتغير التابع. وبالتالي يتم رفض الفرض الفرعي (ف2/4)، وهذا يعني عدم وجود علاقة ذات دلالة احصائية بين باستقلال مجلس الإدارة والسلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية في البيئة المصرية.
وتأسيساً على ما سبق، وفي ضوء عينة الدراسة، يمكن القول إن هناك علاقة ذات دلالة إحصائية بين التحصين الإداري والسلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية، حيث إن كلاً من ازدواجية دور الرئيس التنفيذي والملكية الإدارية يؤثرا تأثيراً معنوياً في السلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية، وعدم وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين السلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية وكلاً من فترة بقاء الرئيس التنفيذي في منصبه واستقلال مجلس الإدارة في بيئة الأعمال المصرية.
3/4/2/3 تحليل نتائج تشغيل نماذج انحدار الفرض الثالث (ف3):
يتفرع من الفرض الثالث أربعة فروض فرعية، وتتمثل نتائج تشغيل نماذج اختبار الفروض (ف3/1)، (ف3/2)، (ف3/3)، (ف3/4)، كما في جدول (3- 7) التالي:
جدول رقم (3-7)
نتائج تشغيل نماذج اختبار الفروض (ف3/1)، (ف3/2)، (ف3/3)، (ف3/4)
Model (8) |
Model (7) |
||||
Log(COGSit/COGSit-1) |
Log(COGSit/COGSit-1) |
||||
p-value |
Coef. |
|
p-value |
Coef. |
|
0.860 |
-008 |
Constant (B0) |
0.629 |
-0.0022 |
Constant(B0) |
0.000*** |
0.8980 |
Log(Salesit/Salesit-1) (B1) |
0.000*** |
0.9042 |
Log(Salesit/Salesit-1) (B1) |
0.016** |
-2198 |
DecDummy* Log(Salesit/Salesit-1) (B2) |
0.034** |
-0.0791 |
DecDummy* Log(Salesit/Salesit-1) (B2) |
0.401 |
0.0463 |
CEOTEN*DecDummy* Log(Salesit/Salesit-1) (B3) |
0.051* |
-0.1391 |
CEODUA*DecDummy* Log(Salesit/Salesit-1) (B3) |
Included |
Industry |
Included |
Industry |
||
Included |
Year |
Included |
Year |
||
220 |
N |
220 |
N |
||
0.000 |
Prob < F |
0.000 |
Prob < F |
||
0. 8654 |
R-Squared |
0.8665 |
R-Squared |
||
|
|||||
Model (10) |
Model (9) |
||||
Log(COGSit/COGSit-1) |
Log(COGSit/COGSit-1) |
||||
p-value |
Coef. |
|
p-value |
Coef. |
|
0.830 |
-0.001 |
Constant (B0) |
0.377 |
-0.0016 |
Constant(B0) |
0.000*** |
0.8987 |
Log(Salesit/Salesit-1) (B1) |
0.000*** |
0.9012 |
Log(Salesit/Salesit-1) (B1) |
0.011** |
-0.3288 |
DecDummy* Log(Salesit/Salesit-1) (B2) |
0.007*** |
-0.1778 |
DecDummy* Log(Salesit/Salesit-1) (B2) |
0.043** |
0.2907 |
BIND* DecDummy* Log(Salesit/Salesit-1) (B3) |
0.493 |
0.1454 |
MO* DecDummy* Log(Salesit/Salesit-1) (B3) |
Included |
Industry |
Included |
Industry |
||
Included |
Year |
Included |
Year |
||
220 |
N |
220 |
N |
||
0.000 |
Prob < F |
0.000 |
Prob < F |
||
0. 8663 |
R-Squared |
0.8652 |
R-Squared |
*، **، *** تشير إلى المعنوية الإحصائية للمعلمات عند مستوى 10٪، 5٪، 1٪ على التوالي.
وتشير نتائج تحليل الانحدار الواردة في الجدول رقم (3-7) إلى:
فإنه عند إضافة المتغير المُعَدِل الخاص بازدواجية دور الرئيس التنفيذي لنموذج الانحدار، أصبحت قيمة معامل التحديد R-Squared (0,8665)؛ وهو ما يعني أن المتغيرات المستقلة بالنموذج تفسر 86,65% من التغيرات في المتغير التابع (التغير في تكاليف البضاعة المباعة) بشركات العينة، وهذا يعني أن هناك زيادة في معامل التحديد للنموذج من (0,8649) في النموذج الأساسي إلى (0,8665) في النموذج الحالي؛ وبالتالي زيادة القوة التفسيرية للنموذج الحالي في ظل إضافة المتغير الجديد؛ وهو ما يعني وجود تأثير لهذا المتغير.
كما تشير قيمة p-value إلى وجود علاقة معنوية بين ازدواجية دور الرئيس التنفيذي والمتغير التابع، وذلك عند مستوى معنوية أقل من 10%، وبالتالي يتم قبول الفرض الفرعي (ف3/1)، ما يعني وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين ازدواجية دور الرئيس التنفيذي والسلوك غير المتماثل لتكاليف البضاعة المباعة، وهذه النتيجة تتفق مع ما توصلت إليه دراسة (Ibrahim 2018) في البيئة المصرية.
ويلاحظ أنه قد انخفضت درجة عدم تماثل التكلفة في الاتجاه السالب (اتجاه التكلفة اللزجة)، حيث انتقلت درجة لزوجة التكلفة من (- 0.1641) في النموذج الأساسي إلى (- 0.0791) في النموذج الحالي، كما أن إشارة المعامل B3 سالبة؛ وبالتالي تشير النتائج السابقة إلى أن انخفاض ازدواجية دور الرئيس التنفيذي ينتج عنها انخفاض درجة عدم تماثل تكلفة البضاعة المباعة.
فإنه عند إضافة المتغير المُعَدِل الخاص بفترة بقاء الرئيس التنفيذي في منصبه لنموذج الانحدار، أصبحت قيمة معامل التحديد R-Squared (0,8654)؛ وهو ما يعني أن المتغيرات المستقلة بالنموذج تفسر 86,54% من التغيرات في المتغير التابع بشركات العينة، وهذا يعني أن هناك زيادة في معامل التحديد للنموذج من (0,8649) في النموذج الأساسي إلى (0,8654) في النموذج الحالي؛ وبالتالي زيادة القوة التفسيرية للنموذج الحالي في ظل إضافة المتغير الجديد؛ وهو ما يعني وجود تأثير لهذا المتغير.
وبالرغم من ذلك تشير قيمة p-value إلى عدم معنوية العلاقة بين المتغير المُعَدِل والمتغير التابع. وبالتالي يتم رفض الفرض الفرعي (ف3/2)، وهذا يعني عدم وجود علاقة ذات دلالة احصائية بين فترة بقاء الرئيس التنفيذي في منصبه والسلوك غير المتماثل لتكلفة البضاعة المباعة ، وتتفق هذه النتيجة مع ما توصلت إليه دراسة (عرفات، 2020) في البيئة المصرية.
فإنه عند إضافة المتغير المُعَدِل الخاص بالملكية الإدارية لنموذج الانحدار، أصبحت قيمة معامل التحديد R-Squared تبلغ (0,8652)؛ وهو ما يعني أن المتغيرات المستقلة بالنموذج تفسر 86,52% من التغيرات في المتغير التابع (التغير في التكاليف البيعية والعمومية والإدارية) بشركات العينة، وهذا يعني أن هناك زيادة في معامل التحديد للنموذج من (0,8649) في النموذج الأساسي إلى (0,8652) في النموذج الحالي؛ وبالتالي زيادة القوة التفسيرية للنموذج الحالي في ظل إضافة المتغير الجديد؛ وهو ما يعني وجود تأثير لهذا المتغير.
وبالرغم من ذلك تشير قيمة p-value إلى عدم معنوية العلاقة بين المتغير المُعَدِل والمتغير التابع. وبالتالي يتم رفض الفرض الفرعي (ف3/3)، وهذا يعني عدم وجود علاقة ذات دلالة احصائية بين الملكية الإدارية والسلوك غير المتماثل لتكلفة البضاعة المباعة في البيئة المصرية.
فإنه عند إضافة المتغير المُعَدِل الخاص باستقلال مجلس الإدارة لنموذج الانحدار، أصبحت قيمة معامل التحديد R-Squared تبلغ (0,8663)؛ وهو ما يعني أن المتغيرات المستقلة بالنموذج تفسر 86,63% من التغيرات في المتغير التابع بشركات العينة؛ وهذا يعني أن هناك زيادة في معامل التحديد للنموذج من (0,8649) في النموذج الأساسي إلى (0,8663) في النموذج الحالي؛ وبالتالي زيادة القوة التفسيرية للنموذج الحالي في ظل إضافة المتغير الجديد؛ وهو ما يعني وجود تأثير لهذا المتغير.
كما تشير قيمة p-value إلى وجود علاقة معنوية بين استقلال مجلس الإدارة والمتغير التابع، وذلك عند مستوى معنوية أقل من 5%، وبالتالي يتم قبول الفرض الفرعي (ف3/4)، ما يعني وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين استقلال مجلس الإدارة والسلوك غير المتماثل لتكاليف البضاعة المباعة، وهذه النتيجة تتفق مع ما توصلت إليه دراسة (عرفات، 2020؛Ibrahim 2018 ) في البيئة المصرية.
ويلاحظ أنه قد زادت درجة عدم تماثل التكلفة في الاتجاه السالب (اتجاه التكلفة اللزجة)، حيث انتقلت درجة لزوجة التكلفة من (- 0.1641) في النموذج الأساسي إلى (- 0.3288) في النموذج الحالي، كما أن إشارة المعامل B3 موجبة؛ وبالتالي تشير النتائج السابقة إلى أن زيادة استقلال مجلس الإدارة (أي انخفاض عدد التنفيذيين في مجلس الإدارة) ينتج عنها زيادة درجة عدم تماثل تكلفة البضاعة المباعة في الاتجاه السالب (اتجاه التكلفة اللزجة).
وتأسيساً على ما سبق، وفي ضوء عينة الدراسة، يمكن القول إن هناك علاقة ذات دلالة إحصائية بين التحصين الإداري والسلوك غير المتماثل لتكاليف البضاعة المباعة، حيث أن كلاً من ازدواجية دور الرئيس التنفيذي واستقلال مجلس الإدارة يؤثرا تأثيراً معنوياً في السلوك غير المتماثل لتكاليف البضاعة المباعة، وعدم وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين السلوك غير المتماثل لتكاليف البضاعة المباعة وكلاً من فترة بقاء الرئيس التنفيذي في منصبه والملكية الإدارية في بيئة الأعمال المصرية.
4ـ النتائج والتوصيات والبحوث المستقبلية المقترحة:
4/1 النتائج:
تقدم هذه الدراسة دليل تطبيقي على العلاقة بين آليات التحصين الإداري والسلوك غير المتماثل لنوعين من التكاليف، هما التكاليف البيعية والعمومية والإدارية وتكاليف البضاعة المباعة، فبناءً على الدراسة التطبيقية على عينة ممثلة لبيئة الأعمال المصرية، تبين أن كلاً من التكاليف البيعية والعمومية والإدارية وتكاليف البضاعة المباعة تسلك سلوكا غير متماثلا في علاقتها بالتغير في المبيعات، وهذه النتيجة تتمشى إلى حدٍ كبير مع ما توصلت إليه معظم الدارسات السابقة.
حيث تزيد التكاليف البيعية والعمومية والإدارية بنسبة 0.474% مع زيادة المبيعات بمقدار 1%؛ تنخفض بنسبة 0.295% مع انخفاض المبيعات بمقدر 1%. كما تزيد تكاليف البضاعة المباعة بنسبة 0.9033% مع زيادة المبيعات بمقدار 1%، تنخفض بنسبة 0.7392% مع انخفاض المبيعات بمقدار 1%.
وتبين وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين التحصين الإداري والسلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية وتكاليف البضاعة المباعة. حيث وجد أن هناك علاقة معنوية بين ازدواجية دور الرئيس التنفيذي والسلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية، وذلك عند مستوى معنوية أقل من 5%. وكذلك هناك علاقة معنوية بين ازدواجية دور الرئيس التنفيذي والسلوك غير المتماثل لتكاليف البضاعة المباعة، وذلك عند مستوى معنوية أقل من 10%.
وهو ما يُمكن تفسيره وفقاً لنظرية الوكالة، فوجود ازدواجية لدور الرئيس التنفيذي تُعد إشارة إلى غياب الفصل بين اتخاذ القرارات والرقابة على نتائج تلك القرارات، وتعتبر قرارات تسوية الموارد هي المحرك الأساسي للسلوك غير المتماثل للتكلفة، وبالطبع، هذه القرارات تخضع لمشاكل الوكالة وتضارب المصالح بين الإدارة أصحاب المصالح، فتقلد الرئيس التنفيذي لمنصب رئيس مجلس الإدارة يجعله قادراً على التأثير في معظم قرارات مجلس الإدارة بالشكل الذي يتوافق مع مصالح الإدارة التنفيذية للشركة، كما أنه يقلل من فعالية الدور الرقابي لمجلس الإدارة على الإدارة التنفيذية، وهذا يزيد من احتمالات حدوث صراع الوكالة نتيجة سعي الإدارة التنفيذية للشركة لتحقيق مصالحها الذاتية بشكل انتهازي على حساب مصالح الأطراف الأخرى، وبالتالي فمن المتوقع أن يغلّب الرئيس التنفيذي مصالح الإدارة التنفيذية على حساب الأطراف الأخرى، عند اتخاذ القرارات المتعلقة بتسوية الموارد.
كما تبين وجود علاقة معنوية بين الملكية الإدارية والسلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية، وذلك عند مستوى معنوية أقل من 10%، ولم يتم إثبات وجود علاقة معنوية بين الملكية الإدارية والسلوك غير المتماثل لتكلفة البضاعة المباعة، وقد يرجع ذلك التباين في النتائج إلى أن طبيعة التكاليف البيعية والعمومية والإدارية تنطوي على تكاليف اختيارية أكثر مقارنة بتكاليف البضاعة المباعة.
كما تبين وجود علاقة معنوية بين استقلال مجلس الإدارة والسلوك غير المتماثل لتكاليف البضاعة المباعة، وذلك عند مستوى معنوية أقل من 5%.، ولم يتم إثبات وجود علاقة معنوية بين استقلال مجلس الإدارة والسلوك غير المتماثل للتكاليف البيعية والعمومية والإدارية، ويبدو أن ذلك يرجع إلى تزايد اهتمام مجلس الإدارة بالتكاليف ذات القيم الكبيرة، حيث أن تكلفة البضاعة المباعة أكبر بكثير من التكاليف البيعية والعمومية والإدارية على مستوى جميع شركات عينة الدراسة.
أما بالنسبة لفترة بقاء الرئيس التنفيذي في منصبه، فقد تبين عدم وجود علاقة معنوية بينها وبين السلوك غير المتماثل لكلٍ من التكاليف البيعية والعمومية والإدارية وتكاليف البضاعة المباعة، وقد يرجع ذلك إلى انخفاض متوسط فترة بقاء الرئيس التنفيذي في منصبه في شركات عينة الدراسة.
وأخيرا، لا يمكن التأكيد على أن السلوك غير المتماثل للتكلفة ظاهرة إيجابية أو غير إيجابية على الدوام، فقد يكون السلوك غير المتماثل للتكلفة مؤشراً لكفاءة الإدارة في إدارة عمليات الشركة بما يحقق الأهداف العامة للشركة وتحسين أداء وقيمة الشركة والثروة للملاك، كما قد يكون هذا السلوك مؤشراً لمزيد من صراع الوكالة وسعي الإدارة نحو تحقيق مصالحها الذاتية ولو على حساب الأطراف الأخرى.
4/2 التوصيات:
تتمثل أهم التوصيات في:
1- على المحاسبين الإداريين ومحاسبي التكاليف إدراك السلوك غير المتماثل للتكاليف، وذلك من أجل تحسين وتطوير نماذج تقدير وتخطيط التكاليف عند إعداد الموازنات التخطيطية أو عند التنبؤ بالأرباح المستقبلية أو غيره من الأغراض. فالاعتماد على المفهوم التقليدي لسلوك التكلفة، غالبا يترتب عليه تقديرات غير دقيقة مما يؤثر تأثيرا سلبياً على المعلومات التي تنتجها أساليب محاسبة التكاليف والمحاسبة الإدارية والتي تستخدم لدعم اتخاذ القرارات والتخطيط والرقابة وتقييم الأداء.
2-على منشآت الأعمال الاهتمام بآليات الحوكمة والرقابة الداخلية للحد من تأثير مشاكل الوكالة على قرارات تسوية الموارد، وبالتالي الحد من التأثير السلبية لآليات التحصين الإداري على السلوك غير المتماثل للتكلفة.
3- ضرورة التزام الشركات بالفصل بين منصبي الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة، وذلك تماشياً مع تفضيل الدليل المصري لحوكمة الشركات، وذلك لتجنب التأثيرات السلبية للجمع بين المنصبين على قرارات تسوية الموارد، وأيضا تجنب تأثيراته السلبية على فعالية الرقابة على الإدارة التنفيذية.
4- على منشآت الأعمال وضع قواعد محددة للحوافر والمكافآت الممنوحة للإدارة التنفيذية، للحد من الآثار السلبية لآليات التحصين الإداري، وتحسين ودعم الجوانب الإيجابية له، لزيادة كفاءة القرارات الإدارية الخاصة بتسوية الموارد، وصولا لأن يكون السلوك غير المتماثل للتكلفة مؤشراً لكفاءة الإدارة بما يحقق الأهداف العامة للشركة وتحسين قيمة الشركة والثروة للملاك.
4/3 البحوث المستقبلية المقترحة:
يرى الباحث أن أهم ما يجب الاهتمام به في البحوث المستقبلية الخاصة بموضوع الدراسة الحالية، هو البحث عن الأدوات والأساليب والمؤشرات التي تجعل السلوك غير المتماثل للتكلفة إيجابيا، بحيث يكون سببا من أسباب نجاح واستمرار منشآت الأعمال، وبالتالي يقترح الباحث أن تأخذ الأبحاث المستقبلية الاتجاه التالي:
1- متى يؤثر السلوك غير المتماثل للتكلفة بشكل إيجابي على أداء قيمة المنشأة.
2- مؤشرات دعم الإدارة التنفيذية للسعي نحو تحقيق إيجابيات السلوك غير المتماثل للتكلفة.
3ـ خصائص مجالس الإدارة التي ينتج عنها آثار إيجابية للسلوك غير المتماثل للتكلفة.
4- الأدوات والأساليب التي تجعل التحصين الإداري داعماً زيادة أداء وقيمة الشركة.
5ـ خصائص الشركات التي تؤثر تأثيرا إيجابيا على السلوك غير المتماثل للتكلفة.